تحولت المملكة المحافظة في أقل من خمس سنوات، إلى قبلة للمهرجات الغنائية والفنية في الخليج والشرق الأوسط. بعد عقود من التشدّد، سُمح بفتح الصالات السينمائية على الأراضي السعودية، وتخصيص مليارات الدولارات لصناعة الترفيه. بداية «ثورة التحرر» بقيادة تركي آل الشيخ كانت مع أكبر مهرجان للموسيقى «ميدل بيست»، ومهرجان «نور الرياض» للفنون البصرية، والختام مع «مهرجان جدة السينمائي» الذي تقيمه السلطات في مدينة جدة الساحلية للسنة الثانية على التوالي، في إطار خطة بدأها ولي العهد محمد بن سلمان سعياً منه لتخفيف سيطرة رجال الدين على المجتمع، والتغطية على حملات القمع التي يمارسها ضد المعارضين والنشطاء المدافعين عن حقوق الإنسان. يجري ذلك وسط اتهامات منظمات حقوقية دولية بتبييض القمع السعودي بالفعاليات الفنية، التي علّق عليها نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش» بأنّها «أداة لغسيل السمعة بنفس الطريقة التي استخدموا بها الأحداث الرياضية لمحاولة تبييض صورتهم الرهيبة».

تحت شعار «نحلم بآفاق جديدة»، أقيمت النسخة السنوية الثانية من مهرجان «نور الرياض» في أكثر من 40 موقعاً في العاصمة. ويعدّ المهرجان من أكبر مهرجانات فنون الضوء في العالم، بمشاركة أكثر من 100 فنان من 40 دولة. وأقيم «ميدل بيست» الذي افتتح أول مواسمه عام 2019، وهو أضخم مهرجان غنائي تابع لـ «موسم الرياض»، استضاف للسنة الثالثة أكثر من 200 فنان ومغن وأشهر الفرق الفنية في الشرق الأوسط والعالم إلى جانب المواهب السعودية. صحيفة el mundo الإسبانية، علقت على الحدث السعودي، قائلة بأنّه «في اليوم الأخير لمهرجان «ميدل بيست»، كانت هناك 1000 طائرة درون في السماء تجذب الرجال والنساء للرقص، والمغني برونو مارس يقدم إشارات بصرية تدعم المثلية الجنسية، عبر ألوان «الميم» التي شوهدت على شاشات المسرح الرئيسي للحفلة». وشهدت الدورة الثانية من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» في مدينة جدة، حضوراً فنياً كبيراً من الوطن العربي والعالم. رفع المهرجان شعار «السينما كل شيء» وطبق «صفر رقابة» بعد قبول مشاركة الفيلم المغربي «القفطان الأزرق» للمخرجة (المطبّعة) مريم توزاني، الذي يطرح قضية مجتمع الميم في بلد يحرم المثلية الجنسية. وعلّقت صحيفة الـ «غارديان» البريطانية على الحدث بالقول: «إنّ السماح بمثل هذه الأفلام في «مهرجان البحر الأحمر» يخلق مفارقة، إذ يصبح فندق «الريتز كارلتون» في مدينة جدة معفياً مؤقتاً من الممارسات السعودية المعادية للمثليين».