لطالما عُرف طوني أبو جودة بموهبته الكوميدية. برز كأحد أشهر الوجوه الكوميدية اللبنانية، وخصوصاً خلال العقدَين الأخيرَين. أثبت براعته في التمثيل وتقليد الشخصيات، فلم يترك شخصية معروفة، لبنانية كانت أم عالمية، إلّا وحاول تقديم نسخته الخاصّة عنها على المسرح. غير أنّ موهبته الاستثنائية تبيّن أنّها تكمن في الغناء، فصدح صوت أبو جودة الرخيم، مقدّماً أغنيات بلغات عربية وأجنبية. كأنّ الموهبتَين لم تكفيا، قرّر أبو جودة مزجهما، إذ قلّد فنّانين ومغنّين مشهورين على طريقته، وأصاب أصواتهم وبحّاتهم جميعاً في أمر نادر عالمياً وليس فقط محلياً. هكذا، وجد طوني أبو جودة مكاناً له على مواقع التواصل الاجتماعي، لينشر الشهر الماضي شريطاً ضجّت به المواقع. الفيديو الذي نُشر على تطبيق «تيك توك» ظهر فيه أبو جودة وهو يغنّي أغنية Save Your Tears للفنّان الشهير «ذا ويكند».لكن لا يكتمل مشهد غنائيّ من دون أصوات السير إلتون جون، والعملاق جورج مايكل، والمبدع ديفيد بوي، والأسطورة مايكل جاكسون، والعبقري ستيفي وندر، وحتى سحر فرقتَي «بي جيز» و«بت شوب بويز»، وغيرهم. فما الحلّ؟ الحلّ يبدو أبسط ممّا نتخيّل، وهو أن ينشدوا كلّهم الأغنية الآنفة عبر حنجرة أبو جودة، إذ كرّت سبحة «تقليده» لهم لتصل إلى أكثر من عشرة فنّانين اشتهروا خلال سبعينيات القرن الماضي وثمانينياته، تتدرّج «أصواتهم» خلال أغنية واحدة «عصرية» ألحانها قريبة من ألحان ما يُعرف بالعهد الذهبي للموسيقى.
قلّد بصوته أكثر من عشرة فنّانين اشتهروا خلال سبعينيات القرن الماضي


الموهبة لا تكمن فقط في القدرة على إعادة تدوير أصوات غنائية متعدّدة، بل أيضاً في القدرة على درس تلك الأصوات كما شخصية كلّ فنّان للتوصّل إلى ما توصّل إليه أبو جودة. فمن الواضح أنّ الأخير ملمّ بموسيقى العصر الذهبي ولا سيّما البوب والروك، يحفظ أولئك الفنّانين وحركاتهم عن ظهر قلب، ثقافته مبهرة وفطنته مذهلة. أبو جودة بما نشره، يجعل المرء يتمنّى لو أنّ الثقافة العامّة في عصرنا الحالي اهتمّت أكثر بالإبداع والعمق، وأقلّ بـ«الخربشات» والسطحية التي يشتهر بها «تيك توك» قبل غيره. وبالطبع، يصطحب المستمعين في رحلة «نوستالجيا» إلى عصر موسيقيّ لن يعود يوماً.
أنقر على الرابط