قبل بدء عرضه على منصة نتفليكس في الأوّل من كانون الأوّل (ديسمبر) الحالي، وقع فيلم «فرحة» (2021 - 91 دقيقة) الذي كتبته وأخرجته الأردنية دارين سلّام فريسة هجوم شرس. قوبل الشريط الذي اختاره الأردن لتمثيله رسمياً في أوسكار 2023 ضمن مسابقة «أفضل فيلم أجنبي» بحملة صهيونية مسعورة في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. الفيلم الذي يشارك في بطولته كرم طاهر وأشرف برهوم وعلي سليمان وغيرهم وعُرض في مهرجانات عدّة من بينها «مهرجان تورونتو السينمائي الدولي» كما نال جوائز، يؤكد صنّاعه أنّه مستوحى من أحداث حقيقية لفتاة فلسطينية تبلغ 14 عاماً وتحلم بالانتقال من قريتها الفلسطينية إلى المدينة لمواصلة تعليمها. لكنّ تعرّض القرية للاجتياح يدفع الأب إلى إخفائها في غرفة صغيرة، وعلى مدى أيّام يتغيّر مسار حياتها.


أبرز المعترضين على قرار نتفليكس بأن تضمّ إلى مكتبتها «فرحة» الذي يتناول فظائع ارتكبها الصهاينة بحقّ الفلسطينيين خلال النكبة عام 1948، كان وزير المالية في الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايتها أفيغدور ليبرمان. وفي بيان، اعتبر ليبرمان أنّه «من الجنون» أن تبثّ نتفليكس فيلماً «هدفه خلق ذريعة كاذبة والتحريض على كراهية الجنود الإسرائيليين»، منتقداً كذلك عرضه في «مسرح سرايا يافا».
موقف عبّر عنه أيضاً وزير ثقافة العدو هيلي تروبر الذي قال إنّ العمل «يعرض الأكاذيب والافتراءات»، معتبراً أنّ «عرضه في الصالات الإسرائيلية يبعث على العار».
أسماء عدّة شاركت في هذا الهجوم، ذُكر منها على سبيل المثال لا الحصر: عضو الكنيست العنصري إيتمار بن غفير زعيم «القوة اليهودية»، المصوّر الإسرائيلي شاي غليك ومراسل الشؤون الفنية في صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمير بوغان الذي ركّز على المشهد الطويل الذي يتضمّن «قتل الجنود الإسرائيليين عائلة من اللاجئين الفلسطينيين، تاركين رضيعاً عمره عام واحد يموت في الميدان». وتزامنت هذه الحملة الشرسة مع أخرى على السوشل ميديا تحرّض على العمل وصنّاعه، بالإضافة إلى مشاركة كثيرين في خفض تقييم «فرحة» على موقع IMDb وسواه من المواقع المعنية بتقييم ومراجعة الأعمال السينمائية والمسلسلات.
في المقابل، تصدّر «#فرحة» أخيراً قائمة الهاشتاغات الأكثر تداولاً، خصوصاً في الأردن، فيما دشّن مغرّدون على امتداد الدول العربية حملة تدعو إلى منح الشريط أعلى تقييم على نتفليكس وIMDb و«غوغل» وRotten Tomatoes، في محاولة لمجابهة الهجوم الإسرائيلي العشوائي.
وفي ظل العاصفة التي تستهدف «فرحة»، أصدرت دارين سلّام والمنتجتان الأردنيّتان ديمة عازر وآية جرادنة بياناً تناولن فيه «الهجوم العنيف من قبل مسؤولي الحكومة الإسرائيلية ووسائل الإعلام الإسرائيلية وكذلك من قبل أفراد إسرائيليين على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات».
دان البيان كلّ الاتهامات الهادفة إلى «تشويه» سمعة «فرحة» والحملة المنظمة ضدّه على موقع IMDb، ومحاولات وقف عرضه في «مسرح سرايا يافا» والتهديدات بإلغاء اشتراكات منصة نتفليكس في حال بدء عرضه عبرها. وجاء فيه: «ندين أيضاً رسائل الكراهية والمضايقات والاتهامات والتنمّر من قبل إسرائيليين التي استهدفت مخرجة الفيلم على منصات التواصل الاجتماعي وعلى وسائل التواصل الأخرى»، مشدداً على أنّه «لن نتهاون مع أي تهديدات مؤذية ضد أي عضو في الفريق».
دعوات عربية لمنح الشريط أعلى تقييم على نتفليكس بهدف التصدّي للهجوم


ولفت النص إلى أنّ سلّام قرّرت سرد هذه القصة «الإنسانية والشخصية ومشاركتها مع العالم. تدعم منتجتا الفيلم قرارها بتحقيق هذه الرؤية الإبداعية سينمائياً من دون أي قيود وستدعمانها والفيلم دائماً»، معتبراً أنّ اختيار هذا التوقيت للهجوم «ليس محض مصادفة، وإنّما تزامن مع عرض الفيلم في «مسرح سرايا يافا» في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 2022، وقبل بدء عرضه في جميع أنحاء العالم على نتفليكس بدءاً من الأوّل من كانون الأوّل (ديسمبر) وأيضاً في ذروة الحملة الدعائية لتمثيل العمل للأردن في سباق الأوسكار بهدف منع مشاهدته عالمياً وبنيّة واضحة لإلحاق الأذى به». ورأى البيان في ذلك «محاولات لإسكات أصواتنا كعربيات وكصانعات أفلام ومنعنا من سرد قصصنا وروايتنا وحقيقتنا وتاريخنا وهذا تجريد لإنسانيتنا وضد أي حرية تعبير... ومع ذلك، فقد تلقّينا الكثير من رسائل الدعم من العديد من الأشخاص وأصدقاء الفيلم، لقد غمرتمونا بمقدار الحب الذي يتلقاه الفيلم على مستوى العالم، ونشعر بالامتنان لكل من يقوم بدوره في مواجهة هذا الهجوم ليتم التحدث عن الفيلم وضمان مشاهدته». وختم بالتأكيد على أنّ «كلّ هذه الجهود والمحاولات القائمة لن تردعنا عن هدفنا. سنستمر في مشاركة الفيلم ليصل إلى الناس في جميع أنحاء العالم. وجود الفيلم واقع، ووجودنا واقع. سُلبنا الكثير، لكن لن تُسلب أصواتنا».


* «فرحة» على نتفليكس