حين كتب الناشط أسامة نور الدين خبراً أبدعته مخيّلته حول استشهاد عميد في الحرس الثوري الإيراني في القصف الاسرائيلي بالأمس على طرطوس، لم يكن في نيته أكثر من فضح بعض المواقع الإخبارية المروّجة لـ «المخدّرات الإخبارية» على حد وصف ناشطين، والتي تنشر كل ما يصلها من دون أي تدقيق ساعية للسبق الصحافي.ولمزيد من السخرية، تعمّد نور الدين اختيار اسم هزلي لإطلاقه على الشهيد المفترض، ينبغي أن يكون كافياً وحده لتكذيب الخبر لو خضع لتدقيق بسيط، وهو «محمد جعفر مطلق إشاعتي»!
المواقع المستهدفة وقعت سريعاً في الفخ، فتداول «ليبانون فايلز» (ومعه مواقع لبنانيّة وعربيّة كثيرة يمكن الوصول إليها عبر بحث سريع وإن كان بعضها قد عاد وحذف الخبر لاحقاً) خبر مقتل «إشاعتي» الذي يتحدّر من مدينة «كلاوات» شرق بلوشستان، ليكون خامس الجنرالات الإيرانيين الذين يسقطون في قصف إسرائيلي على سوريا في شهر واحد، وآخرهم الجنرال علي أكبر قيمة كاظمي! وكان الملفت اجتهاد بعض المواقع في الحصول على صورة للعميد المذكور و«اختراع» تفاصيل إضافيّة حول قدومه إلى بيروت عن طريق مطار الشهيد رفيق الحريري مرة كل شهرين، وإشرافه على التدريبات العسكرية التي يجريها حزب الله لشبان دون 18 عاماً في مخيّمات أقيمت لهذه الغاية في ضاحية بيروت الجنوبيَّة!
ولكن السهم الذي أطلقه نور الدين تجاوز هدفه وخرج عن مساره، فأصاب أيضاً ومن دون تخطيط مسبق هدفين آخرين، أوّلهما صفحات وحسابات عدد كبير من الناشطين الكارهين لمحور المقاومة الذين تلقفوه باحتفاء كبير وتناقلوه على سبيل الشماتة وقد رأوا فيه دليلاً إضافيّاً على العجز الكامل لإيران وحلفائها في مواجهة إسرائيل واكتفائهم بتلقي الضربات القاسية من دون أي قدرة على الرد. أما الهدف الثاني فهو مواقع إخباريّة إسرائيليّة رسميّة وغير رسميّة أبرزها «كان»، فضلاً عن تغريدات عدد من المحللين السياسيين في كيان العدو.
نور الدين رأى في تغريدة لاحقة له أنّ «السيرك» الذي تبع تغريدته يفترض أن يكون جرس إنذار للقيّمين على الإعلام ووكالات الأخبار كي يضبطوا ويكافحوا هذه الظاهرة قبل فوات الأوان، مشيراً إلى أنّه لا يمكن أن يستمرّ استسهال نشر الأخبار الكاذبة دافعاً الناس مرَّة إلى الاصطفاف في طوابير أمام محطات المحروقات ومرّة إلى التخلّص مما يملكونه من عملة صعبة، فضلاً عن مدى خطورة هذه الظاهرة بحال ترافقت مستقبلاً مع خضّة أمنية حقيقيّة.