تونس | كما كان متوقعاً قبل شهر الصوم، بدأ مسلسل «مكتوب 4» (إنتاج وإخراج سامي الفهري) يحقق نجاحاً، استكمالاً لما أحرزته الأجزاء الثلاثة السابقة. لكنّ العمل فجّر أزمة جديدة بطلها مخرجه سامي الفهري الذي قضى أكثر من عام في السجن، من دون أن يصدر حكم في حقه حتى الآن، على خلفية تهم بالفساد واستغلال مرفق عام.
فعندما رفض الإذعان للإسلاميين الذي حاولوا ابتزازه والتحكّم بالخط التحريري لقناته «التونسية»، وخصوصاً برنامجه الشهير «اللوجيك السياسي»، سجنوه من دون محاكمة على خلفية اشتباه في التورط في قضية فساد تتعلق بامتيازات حصلت عليها شركة «كاكتوس» التي يملكها مع بلحسن الطرابلسي صهر الرئيس بن علي. وما زالت هذه القضية جارية بعدما قضى الفهري 20 شهراً من دون محاكمة! وحال خروجه من السجن قبل عام، أعلن عن طريق مقربين منه أنّه سيستثمر تجربة السجن القاسية بطريقته ولم يكن أحد يتصوّر كيف سيقدمها.
منذ اللحظة الأولى لظهوره على شاشة «التونسية» مساء الأحد الماضي، تهكّم الفهري على ظروف السجن الذي عاش فيه. تهكّم جاء في قالب موجع، فالظروف داخل السجن غير إنسانية بتاتاً، نظراً إلى الحالات التعذيب وغياب النظافة! بعد حلقتين من مسلسل «مكتوب4» صُوّرت أغلب مشاهدهما في السجن الذي أقام فيه الفهري، احتجت «نقابة السجون والإصلاح» التي ترأسها الفة العياري على المضمون. أصدرت العياري بياناً أدانت فيه الصورة «المغلوطة» التي قدّمها الفهري عن السجون، واتهامه للسجّانين بممارسة التعذيب. ودعت النقابة إلى تجمّع إحتجاجي لكل أعوان السجون والإصلاح أمام السجن، كما طالبت رئيس الحكومة مهدي جمعة، ووزير العدل حافظ بن صالح، بالإنضمام إلى المحتجين.
شكّل مسلسل «مكتوب 4» ثورة في الإنتاج التلفزيوني التونسي

على عكس بيان النقابة، ساند القيادي السابق في النقابة وليد زروق (سجنته حكومة الترويكا برئاسة حمادي الجبالي سابقاً) سامي الفهري، معتبراً أنّ المسلسل «جريء وصادق»، ومؤكداً أنّ كل ما تضمنته الحلقتان الأولى والثانية من المسلسل الذي مثّل ثورة في الإنتاج التلفزيوني التونسي «حقيقي ويحدث في السجون التونسية». سجون أكدت منظمات دولية عدّة تُعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان أنّها «ما زالت تعاني من تجاوزات كثيرة».
من جهته، التزم الفهري الصمت حتى الآن، لكنّه نجح مجدداً في كسر تابو التعذيب والإهانة داخل السجون، بعدما نجح سابقاً في التأسيس لمسار جديد في الدراما التونسية لامس من خلاله مجموعة من المحظورات مثل المخدرات، والإغتصاب، والعلاقات الجنسية والإنجاب خارج إطار الزواج...
إذاً، لا يبدو أنّ الجدل سيفارق المخرج والإعلامي التونسي قريباً، خصوصاً مع نجاحه مجدداً في كسر المزيد من المحرّمات. علماً بأنّ «مكتوب 4» حافظ في جزئه الرابع على أبرز نجومه أمثال ظافر العابدين، رانية القابسي، مرام بن عزيزة، جودة ناجح، أحمد الأندلسي وفارس نعناع، إضافة إلى بعض نجوم المسرح والتلفزيون على رأسهم رؤوف بن عمر ومحمد السياري.