إنّه الاستحقاق الثالث الذي تخوضه قوى «التغيير» بعيد دخولها الندوة البرلمانية، وتلقى وابلاً من الاتهامات والهجوم عليها إعلامياً. فمع إعادة تكليف نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة، أمس الخميس، فشلت هذه القوى في توحيد أصواتها، في سيناريو مكرّر لما حصل قبل ثلاثة أسابيع مع إعادة انتخاب نبيه بري رئيساً للمجلس النيابي، وخسارة «التغييريين» في انتخابات اللجان النيابية. هكذا، فتحت القنوات النار مجدّداً على هذه القوى ومن معها من كتل «معارضة» لأنّها لم «تحقق التغيير» المنشود، وأسهمت من خلال تشتّتها بإعادة ميقاتي إلى رئاسة الحكومة. قناة mtv، كانت من أبرز المهاجمين لهذه القوى، وحمّلتها مسؤولية فشل إيصال اسم متفق عليه من قبل هؤلاء «لتحقيق الخرق المطلوب». فقد وصفت المحطة في نشرة أخبارها، أمس الخميس، ما حصل بـ «الفشل» وانتقدت «قوى التغيير» واتهمتها بأنّها تصل إلى الاستحقاقات «متأخرة» و«لا تملك قراراً واحداً لمواجهة المنظومة». ثم سألتها: «متى تدرك قوى التغيير المسؤولية التاريخية الملقاة عليها وأن التغيير المطلوب هو إلى الأمام لا إلى الوراء؟». كذلك هاجم مارسيل غانم في برنامجه «صار الوقت» عبر القناة نفسها هذه القوى، واصفاً ما حدث بـ «خيبة الأمل»، داعياً إلى توحيد الجهود واستغلال الفرص «لمواجهة الفريق الآخر»!. بدورها، سخرت lbci من تشتّت هذه القوى، ولفتت في مقدمة نشرة أخبارها إلى أنّ ما أسمته بـ «منظومة السلطة والموالاة»، تستطيع أن «تشكر ربّها صبحاً ومساء» لأنّ «منظومة تغيير ومعارضة أثبتت حتى اليوم فشلاً وتعثراً أدّيا إلى إحباط لدى من أوصلها». وراحت القناة تعدّد المحطات التي فشلت فيها هذه القوى في توحيد صفوفها وفرضها معادلة مختلفة عن السائد. وتساءلت ما إذا كانت هذه القوى ستشارك مستقبلاً في تشكيل الحكومة وتمنحها الثقة، أم ستكون معارضتها «مشتّتة». وأنهت مقدّمة نشرتها الإخبارية بتساؤل حول ما إذا كانت هذه القوى قد تحوّلت إلى «عبء» كما حال السلطة، وسألت بلهجة يائسة: «هل من مجال بعد للتغيير؟».
أما «الجديد» التي بدا خطابها أخفّ حدّة، فلفتت إلى أنّ هؤلاء قاموا من خلال تشتتهم بحمل نجيب ميقاتي «على الأكتاف» وأوصلوه إلى السراي.
هكذا، اجتمعت مجدّداً، ما تسمى بقنوات «الثورة» لتقوم بجلد قوى «التغيير» موهمة اللبنانيين بأن قلب المعادلات في بلدهم يحصل بين ليلة وضحاها، وأنّ هذه القوى ومن لفّ لفها، تستطيع تحقيق الإصلاح والتغيير. نحن أمام مشهد يعيدنا إلى فترة ما قبل الانتخابات حين تعمّدت هذه القنوات إغفال السؤال حول هذه القوى وطبيعتها وتناقضاتها. وها هي تثبت مجدداً أنها مشتّتة وتشتغل تبعاً للمثل القائل: «حارة كل مين إيدو إلو»!.