بين ليل الأحد موعد اقفال صناديق الإقتراع، وصباح الثلاثاء تاريخ انتهاء عملية فرز الأصوات، تغيرت مشهدية وحلّت مكانها أخرى. 16 ساعة حاسمة أوقفت البلد «ع إجر ونص» في انتظار ثبات بورصة الأسماء وحسابات الخسارة والربح. في هذه الساعات، ومع ترويج «القوات» لاستحصالها على «أكبر كتلة نيابية مسيحية»، استجد خطاب عالي اللهجة على الشاشات اللبنانية المجنّدة أصلاً منذ ليلة الإنتخابات، في تغطيات مستمرة وحيّة لهذا الحدث، وانتشر معه تصعيد قواتي، وبروباغندا خليجية وغربية، راحت تعلن عن هزيمة «حزب الله» وخسارته لحلفائه. هذه الأجواء المتشنجة، التي استمرت طيلة ليلة أمس، كانت بمثابة اختبار لما ستكون عليه الأحوال في حال حصدت «القوات» ومن يدور في فلكها الكتلة المسيحية الأكبر، وكيف ستحلّ لهجة الإلغاء والتزوير. فقد برزت mtv، في هذا المجال، وأعلنت في مقدمة نشرة أخبارها «اسقاط مخطط طهران للسيطرة على القرار في لبنان»، و«مخطط الطغمة الحاكمة لاستكمال التمتع بخيرات الوطن». وبعد إعلانها سقوط «المحور الإيراني»، حان الوقت لتمتدح بخطها التحريري. فقد كان لافتاً، إن كان من خلال المحطة نفسها، أو ضيوفها المعادين لخط «الممانعة»، ربطهم نتائج الإنتخابات (غير النهائية) بتظاهرات «17 تشرين»، وتمظهراتها، الى جانب تنصيب نفسها كـ «حاضنة إعلامية»، لهذه القوى، معوّلة على الذاكرة القصيرة للبنانيين، وما أجهضته المحطة من إفرازات «17 تشرين». فقد نشرت أمس، تقريراً عن عملها طيلة الأعوام الماضية، وتشكيلها «منصة استثنائية واكبت الثورة» مشيرة الى برنامج «صار الوقت» لمارسيل غانم في هذا الإطار. استضاف التقرير رئيس تحرير mtv، وليد عبود، الذي وصف نتائج الإنتخابات (قبل فوز التيار الوطني الحر)، بـ «بتحقيق السيادة والشفافية وتحرير الدولة» بعد تحقق «السيادة والحرية» في 2005. أثنى عبود على خطة mtv، التحريرية إبان الإنتخابات، ورفعها شعار «الك القرار»، ومساهمتها بـ «كسر جدار الخوف»، لدى الناخبين. كل هذه الأجواء التي رفعت السقف عالياً، مضافة اليها حفلات الجنون المسائي على الشاشات، وإعلانها «النصر» على «المحور الإيراني» سرعان ما تبدّت صباح اليوم، مع زيادة أرقام «التيار الوطني الحر»، وتقلص عدد نواب «القوات». هكذا، سقطت مشهدية إعلامية سياسية، حرّكت سريعاً ماكيناتها خلال 16 ساعة، لتشمت بخسارة البرتقالي و«حزب الله». لكن يبدو أن حسابات الحقل لم تتوافق مع حسابات البيدر، فاستلحقت lbci نفسها في هذا الإطار، بعد احتفائها بـ «التغييرين». فقد استضافت مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى السابق، دايفيد شنكر، الذي كشف قبل أيام عن دور واشنطن في الساحة اللبنانية، وصوّب على التيار البرتقالي، من خلال مباركته للحملات التي تطاله وتصويره بأنه فاسد، من باب علاقته بـ «حزب الله». أمس، ظهر شنكر على lbci، وقال ان التيار «مرّ بوقت عصيب للغاية» في الإنتخابات. واتهمه مع حليفه «حزب الله»، بأنهما «مسؤولان عن الإنهيار المالي»، وجدّد هجومه على جبران باسيل، محملاً إياه «مسؤولية الفساد»، وهنّأ في الوقت عينه «المجتمع المدني» بفوزه بـ 10 مقاعد (حينها)، وعلق قائلاً :«كان بإمكانهم الفوز بالمزيد لو توحدوا بطريقة ما ودخلوا كمعارضة متماسكة للمجتمع المدني»، في تقاطع لما نشرته «الأخبار» سابقاً عن شكواه من هذه القوى وقوله بأن «المعارضة منقسمة بشكل مريع، وتمتلئ بالقادة النرجسيين والشخصانيين الذين هم مهتمون أكثر بأن يتزعّموا أحزابهم، على أن يتوحّدوا للإطاحة بالنخبة الفاسدة».