عنوان مسلسل «رانيا وسكينة» (تأليف محمد صلاح العزب ـ إخراج شيرين عادل)، يضع المشاهدين بصورة مباشرة مع عنوان «ريا وسكينة». يشعرون أنّهم أمام صيغة جديدة من قصّة الرعب التي هزّت مصر قبل أكثر من قرن، ووثِّقت في ملفات المحاكم المصرية ودفاتر الشرطة العتيقة، كما وردت في كتاب «رجال ريا وسكينة» للكاتب صلاح عيسى. لكن التماهي بين العنوانين، لم يأتِ إلا في إطار تسويقي ليس إلا. هذا الإطار يُعيد إلى الأذهان ثنائية «بكيزة وزغلول» السيدة الأرستقراطية التي أدّت دورها الراحلة سهير البابلي والسيدة الفقيرة التي جسّدتها إسعاد يونس. الجمهور المصري ما زال يذكر هذه الثنائية التي قدّمت الكوميديا بأبهى حللها، عبر اللّعب على التضاد بين الثراء والفقر، وكيفية التعاطي مع اللغات ومع تفاصيل الحياة اليومية. ويبدو جلياً أنّ مسلسل «رانيا وسكينة» عُنوِن ليقول بالمباشر إنّ بطولة العمل نسائية، وإنّه يلعب على وتر «بكيزة وزغلول» أو سهير وإسعاد من جهة، أو سهير وشادية اللتين قدّمتا مسرحية «ريا وسكينة» على خشبة المسرح، أو حتى مسلسل «ريا وسكينة» من تمثيل عبلة كامل وسمية الخشاب. لكن شتّان بين الأعمال المذكورة والعمل الحالي. المقارنة ظالمة بحقّ المسلسل الذي هو عبارة عن سلسلة أحداث بوليسية تشويقية تصلح أن تكون للأطفال. خذه كما هو بسيطاً خفيفاً، واضحك إن استطعت إلى ذلك سبيلاً.بطلتا العمل هما روبي، التي عادت إلى الساحة الفنية ــ غناءً وتمثيلاً ـــ بزخم كبير. آخر أعمالها مسلسل «شقة 6» (كتابة مصطفى يوري وسعاد القاضي ــ إخراج محمود كامل) الذي عُرض على منصة «شاهد» في نهاية 2021، وشاركها البطولة شريف سلامة وسيد رجب وصلاح عبدالله. نال المسلسل يومها استحسان النقّاد والجمهور على حدّ سواء، وأظهر عمق موهبة روبي التمثيلية. أمّا مي عمر، فقد تربّعت على عرش البطولة النسائية في رمضان الماضي من خلال مسلسل «نسل الأغراب»، إلى جانب النجمين أحمد السقا وأمير كرارة. وبسببها كيل للفنانين شتّى صنوف التقريع، أبرزها كيف يرضيان أن يشاركا في عمل يدور في فلك نجمته، ولا سيّما أنّ التأليف والإخراج هو لزوجها محمد سامي. هذا العام، تعرّضت عمر لملاحظات سلبية عدّة، إذ إنّ حضورها باهت مقارنة بروبي التي تمثّل بكلّ حواسها، في حين أنّ عمر تتأرجح بشكل غير متوازن بين الأرستقراطية الساذجة وصاحبة الخبرة الحياتية، كونها منفتحة أكثر على الحياة من صديقتها الجديدة. ناهيكم بأنّ كلّ «الإفيهات» التي تأتي على لسان روبي يقع عليها ثقل الكوميديا، بينما مي تحتاج إلى كاريزما كوميدية لا تملكها.
كلّ حلقة عبارة عن كارثة جديدة تلحق بروبي ومي عمر


يجسّد المسلسل الصراع الطبقي في قالب كوميدي، لا يخلو من حوارات درامية مثال اليتم والفقر وبيع الأعضاء والمخدرات والخيانة... تجسّد روبي دور «سكينة»، فتاة يتيمة تقود شاحنة وتنقل البضائع، وتعيش في منطقة شعبية، وتملك طموحات تسعى إلى تحقيقها، كالارتباط بريغا أو أحمد خالد صالح، الذي يريد سرقة مجموعة من حبوب ألماس ويستغلّها في هذه السرقة. ريغا (أحمد خالد صالح) متورّط مع 3 مافيات، تعتقد سكينة أنّ عريسها مات في ليلة السرقة، فتهرب وتلتقي برانيا أو مي عمر الأرستقراطية الهاربة من إحدى المستشفيات بسبب اتهامها بقتل أبيها، وتبدأ أحداث المسلسل. وسرعان ما تقترح سكينة على رانيا أن تُغيّرا شكليهما وأيضاً بطاقتيهما الشخصية، لكي تتمكّنا من الهرب والتحرّك بأريحية وإثبات براءتهما. تذهب رانيا إلى فيلّتها وتكتشف أنّ زوجها يخونها، وشقيقها وشقيقتها يريدان إثبات أنها مريضة نفسياً ليحصلا على إرث والدهما الذي كتبه لها. كلّ حلقة عبارة عن كارثة جديدة تلحق بالشابّتين المطاردتين من الشرطة ومن العصابات. المتّهمتان بجريمة واحدة، تصبحان مثقلتين بجرائم لم ترتكباها، فهما موجودتان في كل بؤرة جريمة كأنّهما تركضان وراء المصائب والعكس صحيح. تجدر الإشارة إلى أنّ هناك استسهالاً في مشاهد القتل، فالمسلسل يحمل أكثر من جريمة وطريقة التعاطي مع القتل مثيرة للضحك.
اللّافت في المسلسل هو نجل الراحل خالد صالح الذي أبدع بأدائه وكان يذكّر المشاهد أحياناً بأداء والده بسبب الشبه الشكلي بينهما. أما وجيه صقر الذي يؤدي دور رجل مافيا لبناني، فلم يقدّم جديداً في مشاركته في دراما مصرية هو يغرّد فيها باللبناني، بل أتى حضوره ثقيلاً. لناحية الإخراج، فإنّ شيرين عادل التي أشاد بها الممثل عادل إمام حين تولّت مسلسل «النمر» في رمضان الماضي، قدّمت عملاً تسلوياً قد يكون استراحة بعد عمل العام الماضي.

* «رانيا وسكينة»: على قناة «mbc مصر»، ومنصّتَي WATCH IT، و«شاهد»