تماماً مثلما لكرة القدم جمهور موسمي، يحضر «الكلاسيكو» مرّة كلّ عام ولا يميّز بين الركلة الركنية وضربة الجزاء، ويعتقد بأن التسلّل هو مدرب أحد الفريقين، هناك جمهور دراما سنوي أيضاً! طبعاً لا يمكن إنكار هذا الحق في المشاهدة بالمصادفة على أحد، لكن المصيبة بأن هذا النوع من المشاهدين يستشري على السوشال ميديا، ويمنح نفسه الحق في إطلاق أحكام القيمة، ويبالغ في المديح المجّاني على أي شيء، ويبهره كلّ شيء، ومع كثرتهم يشكّلون حالة غالباً تترك أثرها بتضخّم الأنا عند بعض صنّاع الدراما، فيتحوّلون لـ «انفلونسرز» أو «يوتيوبرز» لا يهّمهم سوى ما تقوله السوشال ميديا! هكذا، يصبح أي رأي نقدي متماسك يشير إلى الهنّات ومواقع الخلل في العمل الفني، هو عدّو نجاح، صاحبه إما حاقد، أو مأجور، أو مرتهن لجهات تريد إفشال العمل! تعاني الدراما السورية منذ بداية هذا الموسم، من جمهور يبالغ في الانبهار وسوق المديح المجّاني بمنطق «هوشة العرب» أي مديح بدون توضيح أسبابه، وتطبيل بلا معنى، وتلميع لمواد عادية وحلولها الهندية وأدائها أقلّ من عادي. الصناعة الفنية في مصر مثلاً وصلت إلى مكان مختلف تتجاوز الشام بسنوات وتناهز العالمية في براعة الصنعة والتنوّع الموجود، والبحث الحقيقي في بناء الحكاية وحلولها الدرامية على مستوى الورق الذي يعتبر بنية العمل الفني ومدماكه الأساسي. ومع ذلك، تجابه بحالة نقدية قاسية منذ مطلع العرض وتفرض عليها قوانين صارمة في ما يخص موسم رمضان!
يمكن الحديث في سوريا هذا الموسم، عن بدايات موفقة ومبشرة لعملين أو ثلاثة على أبعد تقدير، لكن في هذه الأعمال أيضاً يمكن الإشارة النقدية الواضحة للاستسهال في الحلول، والسرعة الظاهرة حتى في إنجاز الدراما على الورق، ثم المطبّات البصرية الواضحة في تفاصيل بديهية. الصراخ في المديح وتناقل الأشياء بأسلوب القصّ واللصق لن يسمن ولن يغني من جوع فقط سيزيد من عناد القائمين على تلك الأعمال ويجعلهم رافضين لأي رأي مغاير لذلك!