في حين كنّا نعلم عن حالات التحرّش من خلال القصص المتناقلة، أظهرت نتائج دراسة حديثة أنّ هذه المشكلة مستوطنة في المجال الإعلامي، بغض النّظر عن الموقع الجغرافي. إذ تبيّن الأرقام أنّ امرأة من كلّ ثلاث نساء في العالم العربي، تعرّضت للتحرش الجنسي في مكان العمل في مقابل رجل من كل ستّة رجال، وأنّ 40% من الصحافيات في 20 دولة عربية وأجنبية تعرّضن لنوع من أنواع التحرش، في حين أن أقل من 20% منهن اخترن الإبلاغ عن هذه الجريمة.الدراسة أطلقها برنامج «النساء في الأخبار» التابع للمنظمة العالمية للصحف وناشري الأنباء «وان-ايفرا» بالشراكة مع جامعة «سيتي» في لندن، بهدف توثيق مدى انتشار التحرش الجنسي في غرف الأخبار. وركّز مُعِدّوها على الرجال والنساء والأشخاص من هويات جندرية غير معيارية يعملون وسائل الإعلام، في 20 دولة. في المنطقة العربية، طالت الاستطلاعات 526 إعلامياً معظمهم من لبنان والأردن ومصر وفلسطين. وكذلك أجريت في روسيا وأفريقيا وجنوب شرق آسيا ودول مختارة في أميركا الوسطى.
وأظهرت البيانات أنّ معدّل التبليغ في المنطقة العربية هو الأدنى من بين جميع المناطق المشمولة في الدراسة. ففي حين تعرّضت 59% من النساء للتحرش اللفظي، و19% للتحرش الجسدي، أبلغ 15% فقط منهن مؤسساتهن الإعلامية عن الموضوع. كما أنّ 46% فقط من المؤسسات الإعلامية اتخذت إجراءات تجاه جميع حوادث التحرش الجنسي المبلغ عنها.
وبُغية قياس مدى انطباق الانطباع مع الواقع حيال هذه الظاهرة، أجريت في إطار الدراسة مقابلات مع 85 مديراً تنفيذيّاً في مؤسّسات إعلاميّة من بينهم 51 امرأة. صرّح 43.5% منهم بأنّهم تعرّضوا للتحرّش الجنسي. مع ذلك، فإن 27% فقط من هؤلاء المديرين يعتبرون أنّ التحرّش مشكلة حقيقية في الميدان الإعلامي.
امرأة من كل ثلاث في العالم العربي، تعرّضت للتحرش الجنسي في مكان العمل


يتضّح أن النساء هن الفئة الأكثر تأثراً بالتحرش الجنسي في المجال الإعلامي كما في المجتمع ككل، ويعود أمر حمايتهنّ إلى أصحاب العمل من خلال اتخاذ موقفٍ واضح وصارم بشأن العواقب سواء على مستوى الفرد أو المؤسسة، ووضع السياسات والأدوات اللازمة لإدارة هذه الحالات عند وقوعها، وخلق بيئة آمنة للجميع، لأنه في حالة انعدام آليات إبلاغ فعّالة، فإن الإدارات تبقى غير مدركة لمشكلة التحرش في مؤسساتها.
هدفت الدراسة إلى جعل البيانات حول اتجاهات التحرّش الجنسي متاحة بشكلٍ أكبر، والسماح للإعلاميّين والإعلاميات في هذه البلدان الـ20 بالاطلاع بشكلٍ أفضل عن حقيقة الظاهرة في غرف الأخبار الخاصة بهم، على سبيل التوعية، وتعزيز الجهود الجماعية لإنشاء آليات مناسبة، وإحداث التغيير الثقافي الضروري، لاجتثاث التحرش الجنسي.