في السنوات الأخيرة الماضية، تزامناً مع أفول زمن التلفزيون سيما لدى الفئة الشابة، وهيمنة المنصات التدفقية على المشهد التفاعلي الإعلامي، بدأت في لبنان، شيئاً فشيئاً تتكون منصات الكترونية، إخبارية وتحليلية، لصحافيين معروفين قاموا بإنشائها، والتدوين عليها بأنها «مستقلة» وتحاكي الإعلام البديل الذي يبحث عنه الناس، في محاربة الإجتزاء، ومنح القارىء الرواية الكاملة للأحداث!. هذه المنصات، سرعان ما نشطت خلال «انتفاضة 17 تشرين» وما تلاها، وسريعاً تغلغت داخل الفضاء الإفتراضي. وساهمت في ذلك، الأدوات البصرية المستخدمة، التي تعتمد على الإختصار وتقديم المعلومة بشكل جذاب، مع خطورة، طبعاً، لطرق تقديم هذه المعلومة، والمطبخ الذي تدار من خلاله هذه المنظومة. تزامن ظهور هذه المنصات الممولة أجنبياً، وصاحبة الأجندات السياسية الواضحة المعادية لبعض الأحزاب في لبنان، مع موجة تفرض اليوم على المشهد اللبناني، باسم «القوى التغييرية» التي سرعان ما تسللت بعيد عام 2019، وحملت لواء مقارعة الأحزاب التقليدية، وتقديم نموذج بديل عن السلطة الحاكمة. وإذ بهذه القوى تتشرذم عند أول إستحقاق، أي على أبواب الإنتخابات النيابية، ويتحالف بعضها مع هذه الأحزاب، فيما تخرج أجندات سياسية، لا تختلف في جوهرها عن السائد، وتبتعد كل البعد عن قهر الناس ومعاناتهم. وفي ظل هذه المشهدية المكشوفة سياسياً وإعلامياً، خرجت منصات أخرى، تعرّي الإعلام البديل، بأدوات منطقية وعقلانية، وتقدم للمتابع حقيقة عمل وكواليس هذه المنصات، والجهات الممولة لها، والأهم اللعبة الإعلامية التي تنتهجها من خلال الإعتماد على الإجتزاء والتحريف، وتزييف الحقائق. «إعلام بديل لإعلام بديل»، يمكن اختصار عمل هذه المنصات، ومن ضمنها، منصة «ميغا سي فون»، التي ولدت الشهر الماضي، وسرعان ما انتشرت على مواقع التواصل الإجتماعي، مستخدمة أدوات بصرية (غرافيكس، فيديوات، انفوغراف..). وفي جردة على مضامينها، تشتغل المنصة المذكورة، على توعية الناس، وتقديم لهم آلية عمل المواقع الإعلامية (البديلة)، من تحريف للمعلومات، والإتكاء على اللعبة البصرية لإجتذاب الفئة الشابة، وبالتالي تضليلها. كذلك، تعمل «ميغا سي فون» على كشف ازدواجية المعايير التي تعتمدها هذه المنصات، من تعمية على سبيل المثال على دول معينة كالسعودية والبحرين والولايات المتحدة، مقابل التركيز على سوريا و«حزب الله» والتيار العوني، وتغييبها أيضاً للقضية الفلسطينية، مقابل التركيز على قضايا هامشية يعمل على صناعتها وتحويلها الى «تراند». ربما، من الأهمية بمكان، أن تخرج منصات الكترونية مشابهة، تجهد في تعرية ما يفرض على المشهد الإعلامي اللبناني، وتساهم بالتالي في توعية الناس وتنبيههم من الوقوع في شرك هذه المواقع التي تشتغل تبعاً لأجندات تمويلية سياسية محددة، خاصة مع نجاحها في كثير من الأحيان في اختراق الوعي اللبناني من خلال لعبة التضليل والإجتزاء وحتى التحريض!