وأخيراً، تحقّق «حلم» ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بانتقال قناة «العربية» من الإمارات حيث انطلقت عام 2003 إلى الرياض. بعد مرور ثلاثة أشهر تقريباً على اتخاذ القرار وتبليغ الموظّفين بالانتقال على ثلاثة مراحل تقريباً، كان الموعد أمس الأربعاء مع الانطلاقة الرسمية للمحطة من المملكة. في التفاصيل، أنّه في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، أعلن المدير العام لقناة «العربية» ممدوح المهيني القرار أمام الموظّفين، واعداً إياّهم «بانتقال مريح يضمن مسيرة عملهم»، بحسب ما سُرّب للإعلام. يومها، لفتت المعلومات لـ«الأخبار» إلى أنّه رغم التطمينات التي حصل عليها الموظّفون بعدم تأثير ذلك على عملهم، إلا أنّ الأمر لم يُطمئن مئات العاملين. لأنّ المحطة السعودية شهدت قبل سنوات عمليّة سعودة أدّت إلى الاستغناء عن عدد كبير من الموظّفين من مختلف الجنسيّات. وتوضح المصادر أنّ تلك المخاوف تدور في فلك تحويل «العربية» من قناة عربيّة وخليجيّة إلى سعودية محض في الأشهر القليلة المقبلة. من هذا المنطلق، تؤكّد المعلومات أنّ غالبية الموظّفين يجمعون على أنّ انتقال القناة إلى الرياض، سيحوّلها إلى محطّة سعوديّة تتوجّه للداخل فحسب، بعد أن تُسيطر عليها أخبار الطبقة الحاكمة هناك. وهذا الأمر سيُضعف القناة أكثر وأكثر. مع العلم بأنّ الشاشة السعودية فقدت عدداً كبيراً من متابعيها في السنوات الأخيرة بسبب تغطيتها لأخبار الحرب السورية و«الربيع العربي»، حيث وقفت إلى جانب أطراف سياسية ضدّ أخرى. في هذا الإطار، بدأت «العربية» أولى نشراتها الإخبارية أمس ببثّ مباشر من مكاتبها في الرياض. ونشرت فيديوات على مواقع التواصل الاجتماعي، كاشفةً عن غرف الأخبار التي خرج منها المقدّمون مباشرة على الهواء. واستعرضت الشاشة «مطبخها الإعلامي»، معتبرةً أنّها غرف «متكاملة بأحدث التكنولوجيا». ووصفت القناة المرحلة الأولى حالياً بأنّها «بداية مرحلة مهمّة للشبكة».
على الضّفة نفسها، تضمّنت نشرة الأخبار تقريراً مطوّلاً استعرضت فيه أبرز المشاريع الاقتصادية والسياحية التي تستعدّ المملكة لافتتاحها في الفترة المقبلة، فيما توقّف التقرير الذي يُشبه الحملات الإعلانية، عند مشروع «نيوم» الاقتصادي الذي وصفه بأنّه «درّة المشاريع». ولاحقاً استعرض التقرير الذي قرأته المذيعة بركاكة، باقي المشاريع السياحية الأخرى التي «ستجذب ملايين السياح» بحسب التعبير.
من جانبها، لفت معلّقون على السوشال ميديا إلى أنّه لولا شعار القناة الذي ظهر على الشاشة، لما عرف أحد أنّ الريبورتاج يُعرض على «العربية»، فهو أشبه بتقرير يُقرأ على شاشة محليّة تروّج للحكّام.
وبات معروفاً أنّ انتقال «العربية» إلى الرياض سيكون على ثلاثة مراحل تقريباً، تنتهي في منتصف عام 2022. ويتخلّل عملية الانتقال إفراغ مكاتب دبي من العاملين فيها في شتى الأقسام وتمركزهم في السعودية.
في هذا السياق، تلفت مصادر لـ «الأخبار» إلى أنّه تم تسريع عملية الانتقال الأولى إلى الرياض وبناء وتوسيع الاستديوات هناك، بناءً على طلب بن سلمان. وأشارت المصادر نفسها إلى أنّ النشرة الإخبارية التي قدّمت كانت سعودية مئة في المئة، الأمر الذي يحمل دلالات على المحتوى الإعلامي الذي ستقدّمه المحطة في الفترة المقبلة.
وتوضح المعلومات أنّه تقف وراء عملية الانتقال أسباب سياسية تتعلّق بطبيعة العلاقة «المتأرجحة» بين الإمارات والسعودية، بالإضافة إلى طلب ابن سلمان عودة القناة إلى ديارها، لتعزيز المشاريع التي ينفّذها وتحويل المحطة إلى ما يُشبه واجهة إعلامية له. خصوصاً أنّ السعودية تشهد حالياً فورة أنشطة فنية وإعلامية غير مسبوقة، وكلّها تصبّ في خانة تلميع صورة ولي العهد.
من هذا المنطلق، يبدو أنّ ابن سلمان يُريد تحويل كلّ المؤسّسات الإعلامية التي وضع يده عليها إلى ماكينة بروباغندا خاصّة به.