قد يبدو الرقم 185 عدد الذين شاركوا في الترشح لنيل «جائزة سمير قصير لحرية الصحافة» مشجّعاً، وخصوصاً أنّه يشمل البلدان العربية. لكن اللافت هذا العام هو أعمارهم الفتيّة التي سرعان ما أنضجتها ثورات «الربيع العربي» ومتغيراته، لتنتج تعبيراً إما بالكلمة أو الصوت والصورة. ثلاثة مرشّحين موزعين على كل فئة من الفئات الثلاث (مقال الرأي، التحقيق الاستقصائي، التقرير السمعي _ البصري)، وصلوا الى النهائيات من ثلاثة بلدان طالتها «نسائم» أو «خراب» الحراك الشعبي.
أول من أمس، جرى الإعلان عن الفائزين بحضور رسمي سياسي محلي وأوروبي في «حديقة سرسق». إنّها السنة التاسعة التي يمنح فيها «الاتحاد الأوروبي» هذه الجائزة بالتعاون مع «مؤسسة سمير قصير»، وتسجيل لحضور الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان ستفاروس لامبرينيدس. أعضاء لجنة التحكيم التي تتغير سنوياً ضمت هذا العام 6 أسماء عربية وعالمية: الصحافية المغربية سناء العجمي، والمصرية ليلى الراعي، مدير قناة «فرنس 24» مارك صيقلي، الصحافي العراقي غيث عبد الأحد، والمراسل الدولي لمجلة «دير شبيغل» الألمانية كريستوف رويتر، والإسباني في صحيفة «إيل بيريوديكو» مارك مارخينيداس، بالإضافة الى العضو في مؤسسة «سمير قصير» هند درويش.
أما الفائزون الثلاثة فهم: محمد أبو الغيط (26 عاماً ـ مصر) عن مقاله «موسم الموتى الأحياء» (جائزة فئة الرأي) المنشور في صحيفة «الشروق» (كانون الثاني/ يناير) الذي يروي الصراعات الدامية التي حدثت في عهد الرئيس المصري السابق محمد مرسي بين مؤيديه ومعارضيه. أبو الغيط اعتبر منحه الجائزة تكريماً لأبناء جيله الذي يعاني من انخفاض سقف الحريات، ويرفض تسلّط سيفي الدين والأمن القومي. الفائزة حنين زبيس (34 عاماً ـ تونس) عن فئة التحقيق الاستقصائي، أُجبرت على انتحال صفة مربية لدخول روضة الأطفال في تونس حيث يتلقى هؤلاء تنشئة قرآنية مكثّفة وصفتها زبيس «بالتنشئة الوهابية»، علماً بأنّ المقال نشر في مجلة «ريالتي» التونسية (أكتوبر 2013). أما جائزة الفئة المستحدثة (التقرير السمعي ـ البصري)، فقد كانت من نصيب السوري عروة المقداد (29 عاماً ـ سوريا) عن عمله «موسيقى الشارع» المصوّر في بيروت الذي يتناول المزج بين مفهومين متضاربين صنعهما المقيمون السوريون في لبنان، وكيفية مواجهتهم للعنف الحاصل في بلادهم عبر الفنون المختلفة.
المواضيع الفائزة والمرشحة أيضاً اتسمت بجهد ورسائل واضحة الى المعنيين: على سبيل المثال، مقالة الرأي للصحافية والكاتبة سحر مندور (السفير) «فاض الإناء بدماء نسائه» استند إلى مأساة منال عاصي المغدورة على يد زوجها ليشكل صرخة مطالِبة بإقرار قانون العنف الأسري. أيضاً من المقالات اللافتة المرشحة، واحدة حول قضية تجارة الأعضاء في سوريا لمحمود العمر تحت عنوان «سوريون يبيعون أعضاءهم لسد الرمق... وآخرون يسرقونها للثراء». تحقيق استقصائي شمل مجمل المناطق السورية وبعض مخيمات اللجوء، ولا سيما على الحدود التركية _ السورية.