كانت شركة «سما الفن» («سورية الدولية» سابقاً) تصرّ على مدار سنوات طويلة على إنجاز جزء جديد من سلسلة «بقعة ضوء» كلّ عام! بعضهم كان يعتقد بأنها تنفّذ «أوامر» حرفية تمليها السلطة بأعلى مستوياتها على الشركة، كي يكون المسلسل بمثابة تنفيس للمواطن المسحوق، فيما ظنّ آخرون بأنها ورقة رابحة بالنسبة إلى المؤسسة المرموقة. على أيّ حال، وصلت «سما الفن» إلى طريق مسدود، جعلتها تقفل أبوابها منذ أكثر من سنتين. الشركة التي صنعت مجد الدراما السورية لسنوات طويلة، لم تعد تنجز دقيقة فنّية واحدة، بسبب التهاوي في الخيارات، وطريقة التسويق الرديئة. على أي حال، يمكن القول بثقة بأنه نتيجة الإصرار على الإنجاز الدوري لأجزاء سلسلة «بقعة ضوء»، انحسرت المسافة على المشروع، لتحقيق التراكم المطلوب، ولم تؤخذ المدّة اللازمة في التروّي المطلوب لاختيار نصوص لمّاحة، توازي أهميتها، قيمة المسلسل وتاريخه الحافل بالنجاح. ورغم أن المؤسسة السورية جربّت خلال فترة توقّفها تصوير جزء من السلسلة الكوميدية الأشهر سورياً، وأولت الإخراج لباسم عيسى الذي اختار بدوره نصوصاً، ثم انهمك بالتحضير لفترة ليست قصيرة، لكنّها عادت لتعدل عن الفكرة وتؤجلّ المشروع! هذا الموسم، قررت «سما الفن» العودة إلى السوق من خلال السلسلة الساخرة ذاتها، مستعينةً أوّلاً بأحد مؤسسيها الكوميديان أيمن رضا الذي اقترح إعطاء العمل لمجموعة مخرجين في آن واحد، مع خيارات مفتوحة على الورق الجذّاب، الذي يلامس قضايا الناس الصغرى، وحالهم الخدمي المتهالك كلياً بعد الحصار الذي تتعرض له البلاد! لكّن الشركة المنتجة، اختارت المخرج رامي ديّوب ليتصدى للمشروع وحده. والشاب صاحب تاريخ طويل في مهنة الإخراج، عمل مخرجاً منفذاً لعدد كبير من المسلسلات. كان يترك أثراً طيباً أينما حلّ، وقد انتظر فرصته طويلاً، وبحث عنها فعلياً بالسرّاج والفتيل! كان قد غادر عدد كبير من أصدقائه المقرّبين البلاد، واختاروا أن يطلّقوا مهنة الفن ربما إلى الأبد، فيما تمكّن هو فعلاً من الانتظار... وعلى نار هادئة، طبخ فرصته الأولى في مشروع يمتلك كلّ مؤهلات النجاح، في حال تنوّعت النصوص، وأعطي لمسته المحلية الكافية، وتُرك سقفه الرقابي مفتوحاً كما ينبغي لمثل هذا النوع من الأعمال السياسية الاجتماعية الناقدة! علماً بأن ديّوب كان قد أجرى «كاستينغ» (اختبارات لممثلين شباب) خلال أيّام متتالية في مقرّ الشركة في «المنطقة الحرّة» وفتح باب استقبال اللوحات من كلّ الكتّاب المحترفين والهواة، كما بذل قصارى جهوده في استكشاف مقدرات ممثليه الشباب، خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية من دفعات الحديثة وغيرهم، خلال إعطائهم خلال الاختبار فرضيات متناقضة، ورصد مدى قدراتهم على تجسيدها، إضافة إلى التركيز على إجادة اللهجات السورية التي ستكون حاضرة بكثافة في الجزء الجديد من المسلسل الكوميدي الذي سيكون حاضراً في رمضان المقبل.