"عبدة جميلة". "ربّة منزل سخيفة". نجمة شبه عارية تضع حلقاً في شفتيها وحقيبة صغيرة بتوقيع مصمم مشهور بين رجليها. قد نفضّل الاعتقاد بأنّ هذه النماذج السابقة مختلقة، لكنّها للأسف ليست كذلك. للمسؤولين عن صناعة الدعاية والتسويق تاريخ طويل في مجال «تشييء الجنس» من أجل بيع السلع مهما كانت. في مواجهة هذا الواقع، برزت مبادرات عدّة تهدف إلى رفع الوعي بشأن هذا الموضوع، أملاً بوقف ما يحصل مع مرور الوقت، كان آخرها حملة #WomenNotObjects (نساء لا أشياء).
صحيح أنّ التشييء يشمل الرجال والنساء، لكنّ هناك اختلافاً بين الاثنين، استناداً إلى بحث أجرته جنيفر ستيفانز أوبري بعنوان «تأثيرات التشييء الجنسي الذي يجريه الإعلام على تشييء الذات ومراقبة الجسم لدى الطلاب الجامعيين. نتائج دراسة استمرت عامين»، يتبيّن أنّ الاختلاف في طريقة تصوير جسد المرأة والرجل يرجع إلى معايير الجسم والوجه. وتوضح الأستاذة في قسم التواصل في «جامعة ميسوري» أنّه في حالة الرجال، هناك تركيز على الوجه (face-ism)، بينما يتم التركيز على أجساد النساء أو أجزاء منها أكثر (body-ism).
مع الوقت، ما زال استغلال صور النساء لبيع كل أشكال السلع يتوسّع، مستخدماً منصات إعلامية مختلفة تشمل المجلات، والصحف، والتلفزيونات، والإعلانات الطرقية وتلك الملصقة على الحافلات المحلية...
#WomenNotObjects هو الهاشتاغ الذي استخدمه القائمون على الحملة التي انطلقت أخيراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مواجهة تسليع أجساد النساء وتشييئها لغايات تسويقية وتجارية. تحت العنوان نفسه، أسست الحملة قناة يوتيوب نشرت عبرها مقطع فيديو (2:21 د.) تناول هذا الموضوع. يظهر المقطع المصوّر مجموعة من النساء اللواتي يحملن صوراً تسلّع أجساد النساء، يمكن إيجادها عبر الإنترنت بمجرّد إجراء بحث بسيط على محرّك غوغل، أو سبق أن استخدمت في دعايات لشركات معروفة، أو نُشرت على السوشال ميديا. ثم تقول النساء المشاركات في الفيديو عبارات تصف الرسائل السخيفة التي تحملها الصور: «أحب ممارسة الجنس الفموي مع السندويشات. أحب التضحية بكرامتي من أجل كأس من الخمر. أحب ممارسة الجنس مع رجال لا يعرفون اسمي. مفتاح قلبي هو رجل تشبه رائحته رائحة المهبل. قد أبيع جسدي من أجل همبرغر». هذا التهكّم الهادف إلى تعرية السخافة الكامنة في هذه الصور، يسلّط الضوء على مدى انتشار التمييز على أساس الجنس وتسليع أجساد النساء في الواقع.
صاحبة الفكرة هي مادونا بادجر، إحدى مؤسسات وكالة «بادجر آند وينترز» للدعاية والمديرة الفنية فيها. في حديثها إلى صحيفة «وول ستريت جورنال»، قالت بادجر إنّ جزءاً من حماستها لإعداد هذا الفيديو نابع من رغبتها في توجيه تحية لبناتها اللواتي رحلن عام 2011 إثر حريق شب في منزلها. أرادت بادجر المساعدة في إعادة تشكيل وتوجيه هذا النوع من الرسائل الذي تمرره الدعايات إلى الشابات، ولا سيّما أنّها تسهم في تدمير ثقتهن بأنفسهن واحترامهن لها.
هذا النوع من الحملات هام جداً لفتح نقاشات جدية عبر الفضاء الافتراضي، كما أنّ فجاجة الكلام الوارد في الفيديو قد تسهم في تظهير سخافة مضمون الإعلانات، إلا أنّ هناك مشكلة لا يمكن التغاضي عنها في نهايته. هناك فجوة في الخطاب الذي يتبناه المقطع المصوّر في النهاية: «أنا أمّك. أنا ابنتك. أنا أختك. أنا زميلتك. أنا مديرتك. أنا المديرة التنفيذية في الشركة التي تعمل لديها. لا تخاطبني بهذا الأسلوب». هل ضروري أن تشكّل المرأة جزءاً من حياة المرء كي يعاملها هو/ هي أو شركات الإعلانات باحترام؟!