لاحقاً، فسخت قناة «الحياة» تعاقدها مع «وكالة شويري غروب»، وأُعلن تدشين تكتّل إعلاني جديد يضمّ قنوات «الحياة» و«النهار» و cbc في مواجهة «أم. بي. سي. مصر»، المتعاقدة بطبيعة الحال مع الوكالة المذكورة، لكونها الوكيل الإعلاني لمجموعة mbc.
إذاً، ضربتان متتاليتان تلقّتهما «mbc مصر»، لكنها ردّت بضربة أوضحت مدى قوّتها التي تصاعدت لتكون سياسية أكثر منها إعلامية. إذ طالب بعضهم رئيس الوزراء إبراهيم محلب بالتدخل لمنع ماسبيرو من الاستمرار في التعاون مع الشبكة السعودية. البروتوكول الموقّع بين «أم. بي. سي. مصر» و«التلفزيون المصري» سيمنحها حقوقاً لا حصر لها، ويعطي الشاشة الرسمية قبلة الحياة لاستعادة مشاهديها، الذين انصرفوا واحداً تلو الآخر. فلم يبقَ للتلفزيون المصري مهمة سوى إذاعة الأخبار والبيانات الرسمية في أوقات الاستحقاقات.
طالب البعضعدا ذلك، يمكن القول إن مشاهدي المحروسة لم يعد معظمهم يتذكّر الفروق بين «لوغوهات» القنوات الأولى والثانية والفضائية وغيرها من القنوات المحلية الكثيرة العدد، الضعيفة التأثير.
بتدخّل رئيس الوزراء إبراهيم محلب لمنع استمرار التعاون
بحسب البروتوكول، سيحصل «التلفزيون المصري» على حقّ عرض برامج «الفورمات» العالمية، والمسلسلات المصرية الجديدة بالتزامن مع عرضها على «أم. بي. سي. مصر»، إضافة إلى عرض وحيد للأفلام الأجنبية الجديدة التي تعرضها mbc2، كما سيقوم كوادر القناة السعودية بتدريب العاملين في التلفزيون، وبتطوير الموقع الإلكتروني التابع للمبنى العتيق. في المقابل، سيصبح في إمكان mbc الحصول على عائدات عودة المعلنين إلى التلفزيون الحكومي. والأهم، هو السيطرة على المواد التراثية في مكتبة التلفزيون، ضمن خطة لم تُعلن تفاصيلها بعد لاستغلال هذه الثروة. خطّة، يقول مناهضو البروتوكول إن ملامحها بدأت في عهد وزير الإعلام الإخواني صلاح عبد المقصود، لكن الاتفاق مع mbc لم يكتمل بسبب عزل الرئيس السابق محمد مرسي.
هؤلاء المعارضون، صعّدوا من لهجتهم عبر سلسلة من المقالات والتقارير الصحافية، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، إذ طالب بعضهم بإقالة الوزيرة درية شرف الدين، لكون منصب وزير الإعلام لم يعد موجوداً وفق دستور كانون الثاني (يناير) 2014، لكن اللافت أنّهم لم يطالبوا بإقالة الوزيرة إلا بعدما وقّعت هذا البروتوكول تحديداً!
وهناك من يؤكّد أنّ رئيس «اتحاد الإذاعة والتلفزيون»، عصام الأمير، تعرّض لضغوط للموافقة والتوقيع، في مقابل أخرى لتحويل عقد الشراكة إلى مجرّد بروتوكول يمكن التخلّص منه في أيّ وقت.
لكن الأهم هو اعتراف الجميع بأنّ التلفزيون لجأ إلى «أم. بي. سي. مصر»، بعدما تأكّد المسؤولون فيه من خطّة القنوات الخاصة للقضاء عليه تماماً، وحرمانه أيّ عائد إعلاني، واجتذاب أبرز وجوه ماسبيرو للعمل لديها. أي إنّ التلفزيون الرسمي استجار من الرمضاء بالنار. ففي حال عدم تفعيل بروتوكول التعاون كما يلوّح البعض، فهل سيحصل ماسبيرو على دعم القنوات المصرية الخاصة ليستعيد بعضاً من مكانته قبل الانهيار الأخير؟ أم أنّ الرئيس المصري المقبل يتنبّه إلى مكانة المبنى القديم، ويعيد هيكلته، ويطهّره من فساد ترعرع في تربة يؤمن من حرِثها بأنّ ولاء التلفزيون الرسمي يجب أن يكون للنظام لا للشعب؟