«سوق الخراب»: مسلسل عن لبنان ومافياته

  • 0
  • ض
  • ض
«سوق الخراب»: مسلسل عن لبنان ومافياته
السيناريست السوري الشاب فادي حسين

لم يكن سهلاً لشاب قادم من «الجزيرة السورية» (المنطقة الشرقية) أن يتقفّى أثر حلمه في ازدحام دمشق. تلّوثها وصخبها وجلافة سكّانها قياساً بطيبة ضفاف الفرات، والفضاء الرحب المفتوح على احتمالات القطن والقمح، ستخلق لديه غربة حتماً. لكنّ الفن شغف، يجتاح الروح، ولا يمكن مقاومته. هذا ما كان يحصل مع السيناريست السوري الشاب فادي حسين عندما غادر قريته «الهرموشية» (ريف دير الزور- 42 كم عن مركز المدينة، تحديداً منتصف الطريق الواصل الرقة بدير الزور) قاصداً الشام ليدرس الفنّ على أيدي ممثلين مكرّسين بينهم الراحلة مي سكاف، إلى جانب دراسته كلية الإعلام. ثم راح نحو البدء في التجريب. كان يريد أن يصبح ممثلاً، لكن يبدو أن الموهبة لا تكفي هنا، أو يجب حرف البوصلة قليلاً لتحطّ في مطرحها الأمثل. هكذا، راح يجرّب في الكتابة للدراما. وكما العادة تعثّرت العربة مرّة في مشاريع دون المستوى، وأخرى لم توفّق بظرف إنتاجي، ثم ركبت على سكّة قويمة عندما وقّع عقداً مع شركة ليبية لإنجاز مسلسل ثلاثيني عن حياة الملك إدريس السنّوسي تلاه توقيع عقدين مع شركة «غولدن لاين وآي سي ميديا» (ديالا ونايف الأحمر وإياد الخزوز). الأوّل لمسلسل ثلاثيني بعنوان «سوق الخراب» والثاني عبارة عن ثماني حلقات بعنوان «المايسترو». اللافت أن العمل الثلاثيني عبارة عن دراما اجتماعية عربية مشتركة تدور في لبنان، لتقارب النظام الأوليغارشي وهيمنة أقلّية على اقتصاد الدولة وثرواتها. يقول فادي حسين لـ «الأخبار»: «تتناول قصّتي الوجه الخفي والمظلم لهذه الطبقة وما تحمله، من صراعات متناقضة داخل الأسرة الواحدة ليتكئ المقترح الحكائي إلى جريمة قتل مروعة حدثت سنة 1982 قبيل الاحتلال الإسرائيلي للبنان بشهرين، عندما استيقظت إحدى القرى على حدث مهول وهي تسمع نبأ العائلة البرجوازية التي أُحرقت بأكملها في ظروفٍ غامضة من دون معرفة السبب. هكذا، تُدفن هذه العائلة ويوارى سرّها معها التراب. لكن مع حلول عام 2019 يعود اللغز إلى الواجهة عندما يتبين أن هناك ناجياً من العائلة، أخذ على عاتقه رحلة الثأر والانتقام. المجرمون الذين أبادوا عائلته في الماضي هم اليوم من يتحكمون باقتصاد الدولة. هنا يبدأ وريث الدم رحلته المحفوفة بالمطبّات والحفر». على هذه الهيئة تتصدى الحكاية وجهاً لوجه لماكينة الفساد السياسي والاجتماعي، وتشتبك بمكاشفة مع الصفقات الكبرى المشبوهة في بيروت، من دون أن ينأى التصنيع الدرامي بنفسه عن التشويق وحبس الأنفاس، متوغّلاً في قاع الفئة المافيوية التي تحكم بشكل أو بآخر اقتصاد لبنان، البلد الذي ينام على كارثة ويصحو على بركان! «وسط تسلسل الحدث، تطفو قصة حب مفاجئة على السطح، فتعرقل مسيرة ابن العائلة المنكوبة، بخاصة أن متيّمته ليست سوى ابنة غريمه الواضح، وهو ما يدفعه لخوض صراع من نوع آخر. فهل سيواصل رحلة الانتقام، وما سوّاه من أرض خصبة تأخذه نحو ثأره، أم للحب كلّ الكلام العالي؟!» يطرح حسين هذا السؤال بالمنطق الدرامي على مشاهده، ليتركه على أحرّ درجات التشويق، قبل أن تنزل الصفعة في نهاية المطاف على رؤوس الجميع، عندما يخرج سرّ جديد من بئره المعتمة ويذهب نحو التداول، فيخلط الأوراق! سيدرج العمل على الخطة الرمضانية للموسم المقبل، ومن المفترض أن يبدأ تصويره خلال شهرين في لبنان، ولم يتم الاعتماد على مخرج بالنسبة له. أخيراً، لا يدّعي الكاتب السوري الناشئ بأنه يخرج الزير من البئر في عمله الذي يحتكم للقواعد التجارية في النهاية بغية التوصّل إلى شرط تسويقي مرضٍ، لكّنه يجزم بأنه ذهب نحو التعمّق في البنية اللبنانية، وقاع المجتمع البيروتي ليس فقط واجهته البحرية والـ «داون تاون»!

0 تعليق

التعليقات