حتى لا يظنّ مَن يتابع خلافي مع مدير برامج «تلفزيون لبنان» (صديقي الدائم - مراقبي اليوم!) حسن شقور أنني أعترض على «مسؤوليته» في ما تتناوله البرامج عامةً، ويدخل في الذهن أنّ «مسا النور» يقترف ذنوباً تستحقّ الحذف عن الشاشة، أوضح أنّ الخلاف حصل لما «قطع» شقور جملة قالها ضيفي الصحافي سمير عطالله أنّه كره ميخائيل نعيمة لأنه «هشم» جبران خليل جبران.. فإذا كان المتكلم هو عطالله صاحب التجربة الصحافية السياسية والأدبية، فهو مسؤول أيضاً عن كلامه ولا يجوز أن نمارس عليه رقابة...كذلك قطعَ شقور سؤالي لضيفي بعد كلامه عن الخوف من الموت: «إلى أين تعتقد أنك ذاهب بعد الموت... إلى النعيم أم الجحيم؟» فهل هذا كفر؟ عهر؟ زندقة؟ حتى يُحذف؟أنا أدرك أنّ وضع «تلفزيون لبنان» اليوم حسّاس، وبعضهم يعتبره منبراً معادياً لبعض الأطراف السياسية، لكن هذا شيء، وبرنامجي شيء آخر...
عام ١٩٦٥، كان نجيب حنكش، لكي يرحب بضيفاته النجمات، يقول للواحدة منهن «يقبرني الله اللي خلقك» ويمسكها برأسها ويقبلها. أما اليوم، فيرى شقور مثلاً، من غير المناسب، أن أتحدث عن قدرة ممثلة كانت ضيفتي في البرنامج، على التعبير المؤثر بعينيها (وهي مشهورة لدى المخرجين لا بجمال عينيها بل بتلاوينها الفنية التعبيرية بهما عن الحالات النفسية)فسمح شقور لنفسه بحذف السؤال معتبراً أنه غزل على الهواء!
فهل «تلفزيون لبنان» عام ١٩٦٥ كان أوسع أفقاً من «تلفزيون لبنان» عام 2020 ؟
حقّ المدير المسؤول أن يمنع ما يشكل خروجاً على الطبيعة، وتلفزيون الدولة لديه طابع خاص (لا أدري من رسمه!) أما أن يتوسّع الحذف، فيطاول آراء الضيوف الثقافية، وهم كبار في كل قطاعاتهم المهنية، في الأدب أو الفن وغيرهما، فذلك ما لا أعتبره مفيداً مطلقاً...
هناك زميل في تلفزيون آخر قال لي: لو أنّ سمير عطالله قال هذا الرأي في برنامج في محطتنا، لجعلناه عنواناً في «البروموشن» لجذب الجمهور...
أنا الآن في صدد الانتهاء من كتاب جديد لي أروي فيه سيرتي الإعلامية منذ ١٩٧٧ حتى اليوم مروراً بكل المحطات الأساسية من صداقتي مع كبار نجوم الفنّ والثقافة إلى الشعر والتلحين والكتابة النقدية والسياسية، وصولاً إلى تجربتي التلفزيونية. وأروي في الكتاب حكاية أربعة عشر عاماً في «تلفزيون لبنان» من إبراهيم الخوري إلى وزراء الإعلام طارق متري ورمزي جريج وجمال الجراح وملحم رياشي والآن الوزيرة العزيزة منال عبد الصمد، مروراً بفترة إدارة طلال مقدسي. ومشكلتي أنني بدأتُ كتابة مرحلة التلفزيون بالتعاون والدعم والتأييد الذي لقيته من الدكتور حسن شقور، مدة ثماني سنوات، ودفاعه عن البرنامج تجاه بعض «المخرّبين». فكيف سأنهي الحكاية في كتابي معه. ولا أحِبه رقيباً على ما لا يحتاج إلى رقابة؟
ولماذا هذا النوع من التصرفات بدأ مع ورود اسمي بين أعضاء مجلس إدارة التلفزيون منذ أربع سنوات، لا قبلهُ؟