خلال مشوار طويل بذل المخرج الفلسطيني السوري سمير حسين جهداً استثنائياً! وطأت قدمه عتبة لم يستطع أحد من زملائه المخرجين السوريين الوصول إليها، عندما بلغ التصفيات النهائية في جائزة «إيمي أوورد» العالمية في مسلسله «بانتظار الياسمين» (كتابة أسامة كوكش وإنتاج -abc/ عدنان حمزة) في حين كان سبّاقاً للخوض في غمار ذوي الاحتياجات الخاصة، عندما قدّم شخصية متوّحد، مصاب بمتلازمة داون، واشتبك مع فكرة أن يعرف الأهل مرض جنينهم قبل الولادة في مسلسل «وراء الشمس» (محمد العاص) في حين أنجز مكاشفة اجتماعية مختلفة، ولغة بصرية تحلّق على ارتفاع يوازي مساحة الجرح الذي غرقت فيه الشام من خلال «فوضى» (كتابة حسن سامي يوسف ونجيب نصير). المخرج الذي درس التمثيل أوّلاً في «المعهد العالي للفنون المسرحية» في دمشق، ثم سافر إلى بريطانيا ليكمل دراسة الإخراج، اشتهر بإجادة صياغة نصوصه بلغة الصورة. من خلال اجتهاد إخراجي، قرّر الانصراف كلياً نحو الاشتغال على أدق التفاصيل المكانية، واختيار متقن لمواقع التصوير، ثم ملاءمة التفاصيل الشكلية مع وقع الحكايات الصادمة. حتى الديكور الذي يختاره يريد منه أن يشي بدلالات رمزية تنسجم مع طبيعة شخصيات عمله. يتفرّغ حسين غالباً للعناية الفائقة بالبناء الدرامي المكثّف، كأن ينسج المشهد على شكل عمل مكتمل، أو قصة بصرية قصيرة. كل مشهد حكاية وحده، فيما تتقصّد كاميرته غالباً مواكبة إيقاع الشارع، بصيغة توثيقية في أغلب الأحيان، توغل في روح المدينة التي يعيشها وقد باتت تنام وتصحو على مزيد من ضوضاء أخلاقية، وعشوائية تسوّر يومياتها!
هذا الموسم اختار أن يفتتح باكورة إنتاج شركة mb (ماهر وجود البرغلي) في المسلسل الشامي «الكندوش» (كتابة حسام تحسين بيك وإدارة تنفيذية للنجم أيمن رضا) الذي يلعب بطولته: أيمن زيدان، سلاف فواخرجي، شكران مرتجى، صباح الجزائري، سامية الجزائري، كندة حنا، همام رضا، أيمن رضا، أندريه سكاف، فايز قزق، حسام تحسين بيك، جمال العلي، نزار أبو حجر، حلا رجب، وآخرون!
منذ البداية، عرف حسين أنه لن يربح المنافسة مع مجموعة كبيرة من الأعمال الشامية بالاتكاء فقط على حكايته! لمس بأن روح الفرجة في النص عالية، فقرر أن يكرسّها. هكذا، خلص إلى نتيجة تعتمد على التركيز على الروح الموسيقية التي يحملها العمل، وتضمينه أغنيات تخصّ المرحلة والحكاية، واستقطب الموسيقي رضوان نصري مع فرقة كبيرة لتكون حاضرة بعزف حي لبروموشينات تمهيدية تشجّع على الحضور، مستفيداً من الميزانية الضخمة التي أفردتها الشركة المنتجة! أمس، نشر البرمو الأوّل والثاني للعمل، فحققا قفزة واضحة من خلال المشهدية المبهرة والشغل على منطق الدهشة والجذب العالي، مستثمراً صوتاً غنائياً مؤثراً وحضور الفرقة بشكل حيّ، إضافة إلى تظهير صورة جديدة عن الدراما الشامية، والاتكاء إلى نجومية ممثلي العمل وجماهيريتهم... عدا بناء بصري مترف ومشبع بصياغة خارجة عن الشكل التقليدي! سريعاً انتزع سمير حسين بالمادة الترويجية الأولى عن العمل اعتراف محبيه ومنافسيه بخصوصية ما أنجزه بالإفادة من فريقه الفني والموسيقي!