تعود المقدّمة التلفزيونية السورية ريحان يونان، بعد غيابٍ قسري عن الشاشة، عبر برنامجٍ جديد من إنتاج قناة «الميادين» يُقدّم عبر منصاتها الإلكترونية المتعددة (موقع / سوشال ميديا). البرنامج الذي تُعده يونان وتقدّمه، يحمل تسمية «حكايات البداية»، ويبدو أنه سيكون ذا لونٍ وطابعٍ مختلفين. فيونان التي تنتظر حالياً مولودها الأوّل، تقارب فكرة البرنامج وصورته من خلالها هي شخصياً، وتجربتها. فهذه هي البداية لها أيضاً في تجربة الأمومة؛ كما في تقديم «برنامجٍ باللهجة العامية». في البداية يكمن السؤال: من أين أتت التسمية؟ تخبرنا يونان: «التسمية أتت لأنها تحكي عن البدايات، فالبرنامج يبدأ مع بداية أول أسبوع من شهر آذار. لذلك أتت التسمية من هنا. آذار هو شهر بداية الربيع، والخصوبة، والأمومة، كما أنّ يوم الأرض يأتي به». إذاً، ماذا عن ماهية برنامج «حكايات البداية»؟ «الجو العام للبرنامج أنّه أونلاين، سريع، يشبه العصر. نحنُ بمعظمنا بتنا نشاهد كثيراً من أمور وبرامج عبر هواتفنا الذكية. في الوقت نفسه، البرنامج مكثّف يحكي عن تجارب شخصية وإنسانية مهمّة في حياة النساء، والأمهات بشكلٍ خاص» توضح يونان، التي عرفها الجمهور وشقيقتها فايا، من خلال فيديو كليب «لبلادي»، وسرعان ما تحوّلت إلى التقديم التلفزيوني من خلال برنامج «مترو» الاجتماعي/ الثقافي عبر شاشة «الميادين» (لأكثر من 200 حلقة متواصلة).

ريحان يونان: كل حلقة مصوّرة تليها حلقة بودكاست تحمل العنوان نفسه

وتقول يونان، بأنها كانت في صدد تحضير وإطلاق برنامجٍ مختلف بعد انتهاء موسم برنامجها السابق «مترو»، لكنّ جائحة كورونا عطّلت الأمر. لذلك ما كان منها إلا أن قرّرت أن تشارك تجربتها الجديدة والخاصة مع الجمهور: «من يعمل في الصحافة والإعلام دائماً، شاء أم أبى، لا يستطيع إلا أن يكون إنتاجه مرتبطاً به، وبما حوله، كالمراسل الحربي، الذي يذهب إلى أماكن الصراع فيروي وينقل مشاهداته. هو يحاول أن يكون متجرداً، وهو أمر مطلوب لنكون موضوعيين. تجربتي جعلتني أقرر أن أقدم شيئاً، يشبه ما كنت أقدّمه أساساً. بعد تجربة «مترو»، كنّا في صدد تحضير برنامجٍ آخر، لكن بسبب الجائحة تأجّل بعض الشيء. شعرت بأنني أستطيع أن أستفيد من المرحلة بتوظيف كل ما أمرّ به، وما أحاول اكتشافه، ليتحول إلى مادة إعلامية، لتساعد غيري، وتضيء على تجارب إنسانية مهمة في حياة النساء، وحياة البشر عموماً، كتشكيل العائلة، وفهم طبيعة البشر، وأعجوبة تكوُّن إنسان جديد وقدومه إلى الحياة». إذاً هل هناك من الحلقات عنها شخصياً؟ تنفي ريحان الأمر بتاتاً، «أنا فقط أعيش تجربة الأمومة، وبتّ أسأل أكثر عن الموضوع عند الآخرين. وحتى اللحظة، لا أملك الكثير من القصص لأحكيها عن الأمر، لذلك تركت تجارب الآخرين المؤثرة تحكي عن الموضوع».
البرنامج ذو تركيبة خاصة، إذ يأتي على حلقات مصوّرة وحلقات بودكاست. كل حلقة مصوّرة تليها حلقة بودكاست تحمل العنوان نفسه. الحلقة المصوّرة تحيط بالموضوع المطروح من جوانب تاريخية، حالية، مستقبلية متوقّعة؛ في حين ستكون حلقة البودكاست مع تجربة إنسانية حقيقية عايشت الموضوع من جوانب عملية أكثر، وفق ما تشير ريحان، مضيفة: «هناك أشياء خاصة تعيشها النساء وتعنيهن بشكل خاص، لكن هذا لا يعني أن التجربة خاصة بهن وحدهن. إذ إن أي إنسان معنيّ بما نطرحه». مدّة الحلقة مفتوحة بعض الشيء، لكن هذا لا يعني أنّها طويلة، إذ تشير إلى أنّ مدّة الحلقة المصوّرة ستكون بين السبع والعشر دقائق، فيما ستكون مدّة حلقة البودكاست بين الـ 15 والعشرين دقيقة. طبعاً يأتي السؤال الأهم: لماذا السوشال ميديا اليوم؟ للسوشال ميديا ميزات عدّة، وضروريات أيضاً وفق ريحان، «ميزتها أنّها لا تفرض علينا مدة بث معينة، فنحن نستطيع أن نعطي كل موضوع حقه، ما يحتاج إلى دقائق أكثر نعطيه، وهكذا. أيضاً هي تتيح للمشاهد تحديد ماذا يريد أن يشاهد، ومتى، وحتى كيفية مشاهدته». وتؤكد يونان أنه على الرغم من تواجدها على الشاشة خلال الفترات الماضية، لكن حضورها على مواقع التواصل الاجتماعي ضروريّ لأنها تخاطب جيلاً جديداً «جيلاً غير كلاسيكي، غير تقليدي». كما تشير إلى ضرورة وجود أعمال -عبر منصات التواصل- مثل «حكايات البداية» لمقاومة ما هو موجود من محتوى سيّئ وتافه، و«تقديم محتوى ذي مستوى مرتفع، أكاديمي بتعاطيه مع الإحاطة بالمواضيع، ومفيد لغيرنا، وينقلنا لنكون اليوم في صلب صورة العصر ومتطلباتها». اللهجة العامية، التي يُقدّم بها البرنامج، تعزوها يونان، إلى النقلة بين التلفزيون الكلاسيكي والسوشال ميديا: «أشعر أن المواضيع المطروحة ستكون أقرب إلى الناس بهذه الطريقة».
أما لماذا البودكاست؟ «خلال العام الفائت، بدأت علاقتي الفعلية مع البودكاست، فهو لا يحدّك، ولا يجبرك أن تبقى في مكانك متفرّجاً فحسب، يمكنك أن تسمع وتستفيد، وفي الوقت نفسه أن تؤدي. خلال العام الفائت، قضينا وقتاً أطول مع أنفسنا، وقتنا كلّه ونظام حياتنا تغيّر. في الطبيعة، أثناء المشي، العمل وسواه، البودكاست يستطيع نقلك إلى عوالم أخرى، وأنت تعيش وتمارس حياتك اليومية بشكلٍ عادي بدون قيود». وتعود لتشير إلى أنّها تجربة خاصة ومفيدة: «هي تجربة مهمة، للمستمعين كما للضيوف في البرنامج. بعضها تجارب إنسانية حسّاسة، حيث إنه ليس الجميع قادراً على التعبير صوتاً وصورة. كثيرون يرغبون بالكلام بدون أن تكون صورتهم أو هويتهم معروفة». توضح هنا أنَّه لم يحدث أن أخفى أحدهم شخصيته في «بودكاست الحلقات»، لكن ذلك «قد يحدث في حلقاتٍ لاحقة، خصوصاً مع مواضيع حساسة». وتشير هنا إلى أنّ «البودكاست منتشر بقوة. ففي الأردن مثلاً هو منتشر بكثافة، وحالياً في بلادنا بدأ بالانتشار». ولا تنسى ريحان شكر زملائها بهية حلاوي، مديرة «الميادين أونلاين» التي «دعمت وسهّلت عمل البرنامج، فهي تفهم الإعلام بصورته الجديدة»، كما بلال عبود الذي يتابع إنتاج المشروع ككل (المصوّرة والبودكاست)، وأحمد كركي (المدير الفني) وحسين حجازي (مهندس الصوت في «الميادين») الذي «يتابع ويخرج حلقات البودكاست لتكون بالصورة المميّزة التي هي عليها».

* «حكايات البداية»: ابتداءً من الاسبوع المقبل

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا