«لتحليل أيّ مشكلة سياسيّة في بلد مثل لبنان فتش عن خلفيّتها الاجتماعيّة، وقد قرَّرنا انتقاد ما هو في الخلف» بهذه الكلمات يشرح حسن قطيش لـ «الأخبار» خلفيَّة برنامجه الساخر «بالأملية». قبل أعوام، ومتكئاً إلى خبرة سنوات في كتابة المسرحيَّات للأطفال والكبار، والأفلام القصيرة، والتمثيل، قرَّر صانع المحتوى اللبناني الشاب وخرّيج كلية الإعلام في الجامعة اللبنانيَّة الذي يحضّر اليوم رسالة الماجستير في اللغة العربية وآدابها، الانتقال من المسرح إلى السوشال ميديا كفضاء أكثر رحابةً وأقل كلفة وجهداً وأكثر انتشاراً. وقد حدَّد لبرنامجه الذي سمَّاه «بالأملية» خطاً واضحاً هو تناول الظواهر الاجتماعيَّة بنقدٍ ساخر وخفيف الظل، مماثل لما هو سائد عبر السوشال ميديا عربيّاً وعالميّاً، مفضّلاً الابتعاد عن السياسة بمعناها المباشر وتجنّب الخوض في تعقيداتها.
وكان من المقرَّر أن يكتفي قطيش الذي لم يجرّب الوقوف أمام الكاميرا من قبل بكتابة الحلقات وإعداد البرنامج، ولكنه بعد إجراء الاختبارات لعدد من المرشحين لتقديم «بالأملية»، عدل عن رأيه واختار التصدي للمهمَّة بنفسه.
اعتمد البرنامج في موسمه الأوَّل أسلوب «الستاند آب كوميدي» حيث تولى قطيش إعداده وتقديمه منفرداً تاركاً لصديقه علي حوماني مهمة التصوير والإخراج، وقد تناولت الحلقات موضوعات مختلفة منها نشر الشائعات، والتشجيع الرياضي، والتفاعل على السوشال ميديا بطريقة صحية، والجامعة اللبنانيَّة، والرصاص الطائش وغيرها.
ومع انتهاء الموسم الأوَّل، توقف البرنامج لفترة، وكون الموسم الثاني يفترض أن تصاحبه تغييرات تقنية كثيرة وتجهيز استديو مناسب وغيرها مما يحتاج إلى كلفة ماديَّة ووقت غير متوفرَين، كان الخيار لدى حسن ومجموعة من زملائه القدامى استعادة موهبتهم التمثيليَّة والانتقال إلى تقديم لوحات ساخرة، فكان الاسكتش الأوَّل بعنوان «المتسلق» الذي تناول الوضع في لبنان بعد انتفاضة 17 تشرين، متوخياً أكبر قدر من الموضوعيَّة ومحاولاً وضع الاصبع على الجرح. تلته لوحات أخرى عن ارتفاع سعر صرف الدولار وغيرها من القضايا، بالإضافة إلى فقرات بعنوان «نازل شارع» تقوم على استطلاع قطيش بنفسه آراء المواطنين في الشارع حول موضوع معين واستصراحهم مستفيداً من خبرته المسرحية في ارتجال تعليقات طريفة من وحي الأجوبة التي يتلقاها على أسئلته، وإعادة تسجيل أغنيات اشتهرت قبل زمن طويل كشارات لمسلسلات كرتونيَّة للأطفال بعد تبديل كلماتها بشكل ساخر مستوحى من الواقع الحالي في لبنان. ومع وصول كوفيد 19 إلى لبنان، انخرط البرنامج في حملات التوعية من الفيروس المستجد عبر لوحات عدة تناولت الموضوع من زوايا متنوعة مع الحفاظ على النكتة الحلوة والفكرة الذكية والابتعاد عن الوعظ والمباشَرة، وشارك في هذه الحلقات كلّ من عبد سلمان وحسين محي الدين وهادي دعبول وزهير ابراهيم الذين يصفهم قطيش برفاق الرحلة.
يطمح قطيش إلى أن تكون صفحته مستقبلاً من الصفحات الأولى على صعيد لبنان والعالم العربي في الفضاء الافتراضي من حيث الانتشار ونسَب المتابَعة، وأن يدخل كل بيت لبناني ليخاطب كل فرد بصرف النظر عن انتمائه الطائفي أو الحزبي أو المناطقي، لأن هدف الصفحة هو التأثير الإيجابي في المجتمع ككلّ، داعياً الجميع إلى متابعة صفحته والاطلاع على المحتوى الذي يقدّمه ودعمه، كما يأمل دعم أي صفحة أخرى يرى المتابع أنَّها تقدّم محتوىً صحيّاً. تكمل هذا النداء وتفسّره النبذة التي اختارها للتعريف بصفحته على فايسبوك «مواضيعنا بتهم الكل، لأنها من مجتمع بيحتوي الكل.. مننتقد بس بتهذيب، وادعولنا ما نغلط.. هو رأي فيكن ما تقبلوه، بس ممكن تتقبلوه... بالأملية».