تُعدّ الميتافيزيقا أو الماورائيات أو ما وراء الطبيعة فرعاً من الفلسفة يدرس جوهر الأشياء والمبادئ الأولى للوجود. في الأصل، هي مزيج من الكلمة الإغريقية Meta التي تعني ما وراء أو بعد، وكلمة Physika التي تعني الطبيعة. وهي تشير إلى العلوم المختلفة عن الطبيعة والمادة في كتابات أرسطو الذي قسّم الميتافيزيقا إلى ثلاثة فروع رئيسَة، هي: اللاهوت الطبيعي (مفهوم الإله)، الكوزمولوجيا (العلوم الكونية) والأنطولوجيا (مفهوم الوجود).تغوص الميتافيزيقا في تحليل الظواهر الروحية والنفسية، لتدخل في أحيان كثيرة في مناقشة الظواهر الغريبة مثل الجنّ، الأشباح، التخاطر وغيرها. كما أنّ الماورائيات كانت لفترة طويلة محور تصرّفات البشر.
كثير من الباحثين يؤكدون أنّ ارتباط الفلسفة عموماً بالسينما أو الدراما ليس وليد عصر الصورة فحسب، بل يرجع إلى زمن بعيد. هناك مَنْ يستند في هذا الرأي إلى قول أرسطو نفسه في الفقرة الأولى من مؤلّفه الأوّل «ميتافيزيقا» التي تتمحور حول نشأة الحكمة، إنّه «لكل الناس بالطبيعة الرغبة في المعرفة. والدليل هو اللذة التي يلقونها في الأحاسيس، لأنها تُرضيهم بذاتها بغضّ النظر عن منفعتها، وأقوى تلك الأحاسيس، حاسة البصر. وبالفعل فنحن نفضّل الرؤية على كل الحواس الأخرى، ليس فقط من أجل التصرّف، بل حتى ولو لم نعزم على أي فعل. وسبب ذلك يتمثّل في أنّها هي التي تمكننا من اكتساب أعلى درجات المعارف، كما أنّها تمنحنا رؤية الكثير من التباينات».
الإنتاجات الدرامية والسينمائية التي خاضت في عوالم الفلسفة كثيرة ولا مجال هنا لاستعراضها. لكنّ الفترة الماضية شهدت ميلاً لافتاً لدى صنّاع المسلسلات والفن السابع العرب لإنجاز أعمال تدور تحديداً في فلك الماورائيات، في محاولة ربّما لجذب الجمهور الذي ملّ القصص المُكرّرة التي تتصدّر المشهد، وخصوصاً تلك الغارقة في حكايات الحب المتوقّعة. هذا التوجّه يزداد قوّة في وقت تعتمد فيه شركات الإنتاج في منطقتنا أكثر فأكثر على منصات البثّ التدفقي العالمية أو المحلية، في سياق أعمال قصيرة تتماشى مع الجو السائد في الخارج، لعلّها تعوّض شيئاً من الخسائر التي تكبّدها القطاعَان التلفزيوني والسينمائي بفعل الأزمات المالية المتلاحقة التي فاقمها فيروس كورونا. كل ذلك وسط رهانٍ من المتابعين والمتخصّصين على تحسين سويّة هذه الأعمال التي جاء بعضها دون المستوى. هناك مشاريع وجدت طريقها للعرض فعلاً، تزامناً مع أخرى لا تزال قيد التحضير أو التصوير. وعلى الرغم من اختلاف الأساليب والأنماط والجنر، فجميعها يتخذ من الميتافيزيقا أساساً له. هنا، جولة سريعة على عيّنة من الإنتاجات التي تمكّن الجمهور من متابعتها في الأشهر الأخيرة أو سيشاهدها قريباً.

البــــــرزخ


قبل أيام، كشفت شركة «إيغل فيلمز» (لصاحبها جمال سنّان) عن تعاقدها مع الكاتب المصري عبد الرحيم كمال لإنجاز سيناريو مسلسل بعنوان «البوّابة ــ البرزخ»، مؤلّف من عشر حلقات فقط، سيُعرض على إحدى منصات الـ «ستريمينغ» المعروفة. بعد تعاونات سابقة مع كمال في أعمال من بينها مسلسلات «ونّوس» و«دهشة» لشادي الفخراني بالإضافة لـ «أهو دا اللي صار» (إخراج حاتم علي)، يتجدّد التعاون في هذا العمل الذي «يغوص» في عالم الماورائيات، و«يطرح الكثير من الأسئلة حول الخيال والحكايات الغريبة... فهو مشروع درامي عميق، يقدم مادة جريئة جداً في المضمون، لم تطرح سابقاً في الدراما العربية»، وفق تعبير الشركة المنتجة التي ستُعلن قريباً عن الأبطال وموعدَي التصوير والعرض.

وساوس


على «نتفليكس»، كان الجمهور على موعد، في حزيران (يونيو) الماضي، مع مسلسل أصلي سعودي اسمه «وساوس». يتألف العمل الدرامي من ثماني حلقات، وهو من تأليف رولان حسن وإخراج هناء العمير، فيما يتشارك بطولته كلّ من: عبد محسن النمر، شيماء الفضل، ميسون الرويلي، إلهام علي، ندى التوحيد، نورة العنبر، ليلى عربي، علي الشريف، أسامة القاص ومحمد علي. القصة التي يطغى عليها التشتيت وافتقار الترابط المنطقي في الأحداث، تتمحور حول عائلة تواجه وفاة الأب «حسن» الذي ينكشف ماضيه الغامض قبل أيام من إطلاق شركته المتوقّع لتطبيق ذكي جديد. يتطوّر مسار الحكاية من وجهات نظر مختلفة لأبطال السلسلة التي تسلّط الضوء على العديد من القضايا الاجتماعية، من بينها الخلافات العائلية والصراعات في عالم الأعمال. أبرز نقاط ضعف العمل ظهرت في خطٍّ بدا مفتعلاً. ففي وقت يشير فيه الحوار إلى عالم الماورائيات المخيف بعدما تسمع الأم صوت تحريك للأثاث من دون أن يكون معها أحد في الغرفة واتصال زوجها المتوفّى بها، سرعان ما يتحوّل الأمر إلى عالم الإثارة بعد اكتشاف غياب الهاتف الجوال الخاص بزوجها من دون تبرير مقنع.

ما وراء الطبيعة


من المسلسلات القصيرة التي يتم التحضير لها على قدم وساق حالياً أيضاً، «ما وراء الطبيعة» (Paranormal). عمل درامي جديد، يندرج ضمن أعمال «نتفليكس» الأصلية الناطقة بالعربية. كما يوحي اسمه، إنّه مستوحى من سلسلة روايات شهيرة للكاتب المصري الراحل أحمد خالد توفيق (1962 ــ 2018)، تتناول أحداثاً خارقة للطبيعة يتعرّض لها الدكتور «رفعت إسماعيل»، ومحاولاته لكشف أسرار هذه الأحداث غير العادية في ستينيات القرن الماضي. وقع اختيار منصة البث التدفّقي الأميركية على الممثل المصري أحمد أمين لتجسيد دور اختصاصي أمراض الدم الأعزب، فيما تولّى الإخراج المصري عمرو سلامة بالاشتراك مع الإماراتي ماجد الأنصاري والإنتاج محمد حفظي. بدأ التصوير في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي في القاهرة، وتنقّلت الكاميرا بين الجيزة والفيوم، على أن تنطلق عروض الحلقات الست في الخريف المقبل. وإلى جانب أمين، تشارك في بطولة العمل كلّ من: رزان جمّال، آية سماحة وسماء إبراهيم.

جــــــنّ


استهلّت «نتفليكس»، في حزيران (يونيو) 2019، إنتاجاتها الدرامية العربية الأصلية بمسلسل حمل اسم «جِنّ»، صُوّر في الأردن، من كتابة السيناريست الأردني باسل غندور (صاحب نص فيلم «ذيب» الذي رُشّح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي عام 2016) وإخراج الأردني أمين مطالقة واللبناني ميرجان بو شعيا. في هذا العمل الذي يُعدّ «نسخة رديئة من مسلسلات المراهقين الأميركية» (الأخبار 17/6/2019)، نحن أمام قصة فتاة تُقدِّم من غير قصد على تحرير جنّي في صورة فتى مراهق، فيصبح العالم تحت تأثير شرّ غابر يهدده بأسره. وتصل حياة مجموعة من طلّاب المدرسة الثانوية على حافّة الدمار بسبب الجنّي الذي يطلب مساعدتهم، أما المدرسة الثانوية، فلن تعود أبداً إلى سابق عهدها. العمل المؤلف من خمس حلقات لا تزيد مدّة كلّ منها عن 45 دقيقة، جمع ممثلين يافعين من بينهم سلمى ملحس، حمزة عكاب، سلطان الخيل وعائشة شحالتوغ.

صاحب المقام


قبل أسابيع قليلة، صار «صاحب المقام» (تأليف إبراهيم عيسى وإخراج محمد جمال العدل ــ 111 د) أوّل فيلم مصري يُعرض على منصات الـ «ستريمينغ» من دون المرور في السينمات أوّلاً. الشريط المتوافر على «شاهد» ويوتيوب، من بطولة آسر ياسين، أمينة خليل، بيومي فؤاد ويسرا، فضلاً عن إطلالات لباقة من ضيوف الشرف. جدل واسع رافق العمل الذي تسرّب بدايةً على الإنترنت، يتعلّق بموضوعه الذي يتناول رجل الأعمال «يحيى» الذي يعيش في عالم من الثروة واللامبالاة. لكنّه حين يقرّر هدم ضريح أحد الأولياء في سبيل إنشاء منتجع سياحي، سرعان ما تنقلب أموره رأساً على عقب، ويُصبح أمله الوحيد في امرأة غامضة تُدعى «روح». وكان بعض روّاد مواقع التواصل الاجتماعي قد قارنوا بين «صاحب المقام» والفيلم الإسرائيلي الكوميدي «مكتوب» المتوافر على «نتفليكس» منذ ثلاث سنوات، موجّهين أصابع الاتهام صوب صنّاعه. غير أنّ هذا الكلام لا يبدو دقيقاً لأسباب عدّة، أهمّها أنّ الشريط الإسرائيلي لا يخوض في مناقشات دينية حول وجود أولياء وأرواح طيبة يظهرون للناس (الأخبار 18/8/2020).


الحـــــارث


في إطار من الإثارة والغموض، ينسج فيلم «الحارث» (تأليف محمد عبد الخالق وإخراج محمد نادر في تجربته الروائية الطويلة الأولى) حكايته حول زوجَيْن تنقلب حياتهما بعد أن تروى لهما خرافة أثناء شهر العسل عن ليلة غاب فيها القمر ويبحث الشيطان فيها عن عروس. أُزيح الستار عن الفيلم المصري في منتصف شهر آب (أغسطس) الماضي عبر منصة «شاهد vip» التابعة لمجموعة mbc السعودية، قبل وصوله إلى السينمات. ويجمع على لائحة أبطاله: أحمد الفيشاوي، ياسمين رئيس، أسماء جلال، عمرو عبد الجليل، باسم سمرة وأسماء أبو اليزيد. العمل الذي لم يحظ بالكثير من ردود الأفعال الإيجابية من الجمهور والنقاد، أكدت معلومات واردة من كواليسه أنّه يستند إلى أحداث وقعت بالفعل!

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا