إن عدنا الى أواخر شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أي بعد أسبوع تقريباً من حراك 17 تشرين، الى حلقة «صار الوقت» على mtv، سرعان ما نجد تقاطعاً في الأجواء الإستعراضية عينها التي حلّت في حلقة الأمس. كان يكفي وقتها أن يتلوّن الاستديو بالأعلام اللبنانية ويرتدي مارسيل غانم الوشاح اللبناني، ليقدم نفسه كـ«ثائر» ومعه البرنامج، في زمن «الثورة». أمس، كنا أمام سيناريو مشابه، بمشهدية مختلفة، فلسطينية الهوى هذه المرة، عندما خصصت أجزاء كبيرة من «صار الوقت» للحديث عن «صفقة القرن»، واستجلب لاجئون فلسطينيون الى الاستديو ليدلوا بآرائهم حول الصفقة. كان يكفي غانم، أن يعيد قراءة مقاطع كاملة من الأغنية الخالدة لفيروز «زهرة المدائن» (كلمات وألحان: الأخوين الرحباني)، لينهي بها استهلالية الحلقة المذكورة، ويضفي أجواء من النوستالجيا، بعدما وصف «صفقة القرن» بأنها تمثل «وعد بلفور» ثانياً، بعد مئة عام على إعلان الأول، عدا طبعاً، ختام النقاش السياسي مع ضيوفه (بولا يقعوبيان-علي حجازي -فادي عبود)، بارتدائهم جميعاً للكوفية الفلسطينية، بعدما قام أحد الحاضرين بوضعها على عنق كل منهم.

هكذا، اكتمل المشهد بنكهة فلسطينية هذه المرة، وفاضت منه الإستعراضية، في مغالاة دعم الشعب الفلسطيني، وادانة الإحتلال الإسرائيلي. لكن هل تكفي كل هذه العناصر، ليأتي أحد الفلسطينيين من الجمهور ويشكر غانم على دعمه لقضية شعبه في برنامج «يشاهده ملايين الناس» ويهديه الكوفية؟ المراقب لسيرة ومسيرة الإعلامي اللبناني، وبرامجه مهما اختلفت الأقنية التلفزيونية، يلاحظ أنه معاد في الدرجة الأولى للمقاومة، وما فتىء كل مرة يهاجمها أو يؤبلسها. نتحدث هنا، بالطبع عن التجربة اللبنانية، التي تنهل من الكفاح المسلح في فلسطين. ويمكن أن نأخذ مثالاً، ما ساقه غانم، في نقاشه مع ضيوفه في الحلقة المذكورة، عن مضمون البيان الوزاري المزمع انهاؤه في الأيام القليلة القادمة، ووصفه صيغة «جيش، شعب، مقاومة» بـ «الإشكالية». بعدها اقترح على ضيوفه إزالتها ارضاء للمجتمع الدولي، وحتى مسحها بشكل كلي من البيان الوزاري «مسألة دعم المقاومة حتى لازم تنشال»! هكذا، تعرّى غانم كما فضحت محاولته صناعة حلقة تلفزيونية استعراضية، تعرض أدبيات فلسطينية جافتها شاشة «المر» طيلة سنوات، واليوم تركب موجة القضية الفلسطينية، كما فعلت مع «الثورة» اللبنانية قبلاً!