لم تكن ولادة تطبيق «شاهد» عام 2011 تُنذر بأنّ المنصة المنضوية تحت عباءة mbc، ستتحوّل إلى إحدى أهم المنصات في العالم العربي. لكن مع فورة خدمات البث عبر الانترنت وعلى رأسها «نتفليكس»، حضر اسم «شاهد» في الفترة الأخيرة كواحدة من أهم الواجهات في المنطقة العربية. بدأت عودة «شاهد» إلى الأضواء على مراحل عدّة، بدءاً من شهر رمضان الماضي. يومها، راحت mbc تحمّل جميع مسلسلاتها وأفلامها على التطبيق، فحقّق أرقاماً قياسية في نسب المشاهدة والاستماع. هكذا، وجد القائمون على التطبيق الذي يتخذ من دبي مركزاً له، ضرورة في إنعاشه وتفعيله وتحريك الموادّ التي يتمّ تحميلها عليه. طبعاً تلك الخطوة تزامنت مع الإعلان عن تعزيز mbc studios التي أطلقت في أيلول (سبتمبر) 2019 ودمجها مع شركة «O3 للإنتاج»، وتعيين البريطاني بيتر سميث في منصب المدير التنفيذي للمشروع الجديد. وضعت خطة لتحويل «شاهد» إلى منصة مَهامّها الأولى منافسة «نتفليكس» وأخواتها، ضمن ميزانية مالية مفتوحة بناءً على طلب ولي العهد السعودي.في تلك الفترة أيّ بعد شهر الصوم، بدأ صنّاع «شاهد» العدّ العكسي لإطلاقه بحلّة جديدة شبابية تخاطب الشباب العربي بمختلف توجهاته عبر مسلسلات وأعمال حصرية للتطبيق. فكان تخصيص مسلسل «الديفا» لسيرين عبدالنور أولى تلك الحكايات. رغم أن المشروع كان باهتاً وضعيفاً، إلا أن القائمين على «شاهد» أعلنوا عن سلسلة أعمال ستنطلق تباعاً خلال هذه الفترة، أولها مسلسل «العميد» (كتابة وإخراج باسم السلكا) لتيم حسن، الذي بدأ عرضه، ويتبعه لاحقاً «عهد الدم» الذي سينطلق بداية شهر شباط (فبراير) ويلعب بطولته باسل خياط.
بما أن صناعة المشاريع الدرامية على «شاهد» لها خصوصيتها وشروطها، بدأت شركات الإنتاج تتقيّد بسياستها في المسلسلات التي تحضّر لها. لا يمكن الحكم على مدى نجاح أو فشل «شاهد» في الوقت الحالي، لأنّ ذلك يتطلب مرور وقت كافٍ على التجربة، بخاصة أنه يُحكى عن منصات عربية وخليجية ستنطلق في القريب، إضافة إلى ازدياد المنافسة العالمية عبر إعلان منصة «ديزني» عن نيتها افتتاح فرع لها في الشرق الأوسط، بعدما أعلنت أخيراً أنها ستبدأ بالبثّ عالمياً عام 2021 خارج أميركا الشمالية. بالطبع، إن ظهور «ديزني» على خريطة المنصات العالمية سيغير شكل المنافسة بشكل كبير، وستكون أمام «نتفليكس» وزميلاتها معارك حامية للمحافظة على متابعيها أمام هجوم «ديزني» المتوقّع.
وبالعودة إلى التطبيق العربي، أقيمت قبل أيام حفلة الإطلاق الفعلية لـ«شاهد» (وأقسامه وفروعه على المنصّة) في دبي، وحضرتها مجموعة من المنتجين والنجوم الذين يتعاون معهم التطبيق. وكشف صادق الصبّاح رئيس مجلس إدارة «صبّاح إخوان» عن انطلاق التحضير لمسلسل «الأمير الأحمر» الذي يكتبه السيناريست حسن سامي يوسف ويخرجه سامر البرقاوي (إنتاج «صبّاح إخوان») ويلعب بطولته تيم حسن. العمل يتوقف عند محطات معيّنة من سيرة المناضل الفلسطيني علي حسن سلامة الذي اغتالته إسرائيل عام 1979 في بيروت. من جانبه، يبدو صنّاع «شاهد» مرتاحين من خلال حديثهم في احتفالية التطبيق، إذ اعتبر يوهانس لارتشر مدير عام «شاهِد» والقطاع الرقمي في mbc، أن «شاهد» اليوم يتفوّق على «اللاعبين الإقليميين في قطاع الترفيه الرقمي». في هذا الإطار، أبرم «شاهد» قبل أشهر اتفاقيات مع DISNEY وFOX، وشراكة مع SPOTIFY (التطبيق الرقمي الموسيقي). أما المزايا الفنية والخدمات التقنية التي يوفّرها «شاهِد» لمستخدميه، فتشمل تسع قنوات منتمية إلى mbc (HD) في بثّ مباشر LIVE ومتواصل، إضافة إلى خاصّية تأسيس الحسابات الشخصية للمستخدمين والتي تُتيح استخدام ميزة «استكمال المتابعة» من اللحظة التي يكون قد توقّف من عندها المستخدم، وغيرها. كما أعلنت «شاهد» عن انخفاض أسعار الاشتراكات إلى 70% من قيمة الاشتراك في Shahid VIP، طوال فترة الاشتراك، أو لـ «مدى الحياة». تنقسم الاشتراكات إلى ثلاث حزم. الأولى ذات سعر مخفّض لمدى الحياة (دولار ونصف الدولار أميركي تقريباً)، سارية لغاية 29 شباط (فبراير) المقبل. أما الحزمة الثانية فهي الباقة السنوية تصل كلفتها إلى حوالى 30 دولاراً أميركياً، فيما الثالثة مرتبطة بالعروض التسويقية التي تمكّن من الحصول على اشتراك شهري VIP مجاناً بمجرد إدخال رمز العرض.
في المقابل، ترى مصادر لـ«الأخبار» أنّه يصعب على «شاهد» منافسة «نتفليكس» التي تُعتبر حالياً منصة الستريمينغ الأكثر شهرةً في العالم العربي. لذلك لن تقلّ أعمال «شاهد» في العامين المقبلين عن 75 عملاً حصرياً، وستستقطب كبريات شركات الإنتاج العربية والخليجية، خاصة أن لدى التطبيق خططاً درامية للخليج وأخرى للشرق الأوسط، وثالثة للمغرب العربي، أي حسب توزيع خريطة مشاهدي mbc. لذلك سيعمل صنّاع الدراما على تقديم محتوى يتناسب مع أهواء الشباب عبر أعمال ذات ميزانية ضخمة ومحتوى جذّاب يُعرض في حلقات لا يبلغ عددها أصابع اليدين معاً. ستتنافس خدمات البثّ على المرتبة الأولى بناءً على المحتوى الذي تقدّمه، وسط معارك درامية سينتج عنها تغيّر في خريطة الدراما في العالم العربي التي كانت محصورة سابقاً بشهر رمضان، وخلال فترة قصيرة من المنافسة خارج شهر الصوم. بما أنّ التطبيق سعودي التمويل والإدارة والسياسة، فلا شكّ في أنّه سيصطدم بعدد كبير من المعايير والخطوط الحمراء التي تمنعه من تقديم مواد درامية مختلفة ومميّزة لناحية المضمون، من دون المساس بالثالوث المحرم: الجنس والدين والسياسة. بل ستدور المنصة في فلك الدراما الكلاسيكية التي تعرضها الشاشات.
في هذا السياق، يشرح صادق الصباح رئيس مجلس إدارة «صبّاح إخوان» للإنتاج في اتصال مع «الأخبار» التغيّرات التي ضربت أهواء الشباب في العالم العربي، قائلاً: «جيل الشباب اليوم لم يعد معتاداً على متابعة التلفزيون ومشاهدة الدراما التي تتخلّلها الإعلانات، إذ يفضّل مشاهدة الأعمال وقتما يريد. من هذا المنطلق، كان «شاهد» تحت الأنظار، بعرض المسلسلات في رمضان الماضي، وتحقيق أرقام متابعة عالية. لقد فتح «شاهد» شهيّة المتابع العربي بمشاهدة جميع المشاريع الدرامية وقتما يشاء». يضيف الصبّاح: «سيكون «شاهد» المنافس الأول، ليس في السوق اللبناني وحده بل على العربي ككل. سينافس «نتفليكس» ليس بالصناعة الأجنبية لموادّه الدرامية، بل بالمشاريع العربية عبر تقديم نماذج من الدراما والمسلسلات الحصرية». لكن ماذا عن والخطوط الحمر الموضوعة للتعاون مع «شاهد»؟. يجيب «لا خطوط حمراً في الإنتاجات. فتطبيق «شاهد» ليس قناة مفتوحة بل منصّة مدفوعة الاشتراك مسبقاً. وخير دليل على هذا هو عندما عرضنا فكرة مسلسل «الأمير الأحمر». لم يكن هناك أيّ اعتراض من قبل القائمين على «شاهد». هناك 3 مشاريع جديدة بين «صبّاح إخوان» و«شاهد»، وسيتمّ الإعلان عنها تباعاً، وستكون متنوّعة بين الأكشن والاجتماعي والبوليسي».
لن تقلّ أعمال التطبيق في العامين المقبلين عن 75 عملاً حصرياً


يوافق جمال سنان صاحب شركة «إيغل فيلمز» للإنتاج على كلام صادق الصباح حول مستقبل «شاهد». في اتصال مع «الأخبار»، يشرح سنان: «في السنوات الخمس أو الست الأخيرة، عرفت تلك منصات الستريمينغ شهرة واسعة في العالم العربي، ولكن وسط غياب أيّ منصة عربية. لكن مع دخول «شاهد» أصبحت المنافسة أقوى. لعل تلك المنصات ستحلّ مكان الشاشات الصغيرة، وهو الأمر المتوقّع في السنوات المقبلة». لكن ماذا عن أعمال «إيغل فيلمز» مع «شاهد»؟ يجيب سنان بأن «عهد الدم» سينطلق قريباً على «شاهد»، وستتبعه لاحقاً مجموعة قصص يليها مسلسل «دموع الفرح» وهو مسلسل كويتي تلعب بطولته شجون الهاجري ويروي قصة اختفاء فتاة كانت في عطلة مع عائلتها. كذلك هناك مسلسل «بان أراب» (الأعمال العربية المشتركة)، وقريباً سيكون هناك مسلسل ثانٍ مع باسل خياط على «شاهد» أيضاً». المشاهد العربي سينتظر ما يقدمه «شاهد»، أينما كان في أقطار العالم كافّة. لذلك من المتوقّع أن تكون الأعمال الدرامية ذات مواصفات عالمية عبر ميزانيات ضخمة». كشركة إنتاج، أيّ طرق تتّبعها لتعاونها مع «شاهد»؟ أي هل تكون هي المُنتجة للأعمال أو البائعة فقط؟ يجيب سنان: «هناك طريقتان للتعاون مع «شاهد». مثلاً مسلسل «عهد الدم» أُنتج بالتعاون بين «إيغل فيلمز» وmbc studios، وكذلك لدينا مشاريع أخرى مع «شاهد» ستكون حصرية لـ «شاهد الأصلي».



«الأمير الأحمر» نهاية 2020
يلفت صادق الصبّاح إلى أن مسلسل «الأمير الأحمر» كان فكرة تجول في باله قبل ثلاث سنوات، وكان من المفترض أن يكون المسلسل لصالح «نتفليكس»، لكن عند عرض الفكرة على علي جابر المدير العام لمجموعة mbc أُعجب بالفكرة وطلب تنفيذها لصالح «شاهد». يشرح الصبّاح «رغم الإخفاقات التي تعمّ العالم العربي، وجدنا أن العودة إلى فترة السبعينيات من القرن الماضي، فرصة إيجابية، إذ حقّق بعض العرب انتصارات حقيقية من أجل القضية الفلسطينية، وأردنا إلقاء الضوء على شخصية نضالية كانت محلّ جدل واسع، فكانت فكرة التوقف عند حياة أبو علي حسن سلامة بين عامَي 1971 و 1979 فحسب». يتحدّث الصبّاح بحماسة عن المسلسل، واصفاً العمل بأنه «مسؤولية كبيرة أُلقيت على أكتافنا ولن نساوم على أيّ صغيرة أو كبيرة في تفاصيل مسيرة أبو علي، وخُصصت له أعلى ميزانية بين الأعمال التي قدّمتها «صبّاح إخوان». سينطلق تصويره بين شهرَي 8 و 9، وسيُعرض على تطبيق «شاهد» أواخر عام 2020. يتوقف صبّاح عند أسباب اختياره للنجم السوري تيم حسن ليلعب بطولة المشروع، قائلاً: «تيم لاعب أساسي في «التغريبة الفلسطينية»، ولديه لغة جسد قوية وواضحة. لعب سابقاً بطولة أعمال عربية من بينها «الملك فاروق» و«نزار قباني». لقد اشترت شركة «صبّاح إخوان» 3 روايات تتحدث عن سيرة علي حسن سلامة المعروف بـ«أبو علي»، وجمعت في ما بينها. ولكن يبقى السؤال، من ستقدّم دور جورجينا رزق في المسلسل؟ يجيب الصبّاح «يجري حالياً كاستينغ اختيار الشخصيات، بالطبع ستكون «ملكة جمال لبنان 2018» مايا رعيدي ضمن فريق التجارب ولكن ليس بالضرورة اختيارها لتكون بطلة «الأمير الأحمر» بسبب شبهها بجورجينا رزق».