اليوم تشهد السينما نقلة نوعية من دور السينما إلى المنازل والمكاتب من خلال مواقع الأفلام التي باتت متوافرة عبر تطبيقات الهواتف والتلفزيونات الذكية. في عام 2011، شهد العالم العربي انطلاق «شاهد.نت» وهو أول موقع إلكتروني رسمي يعرض المسلسلات العربية على قنوات MBC يستطيع المستخدم من خلاله مشاهدة الحلقات التي فاتته. اليوم تدخل الأفلام والمسلسلات من خلال نتفليكس العالم العربي، متخطية حدود الرقابة. بعدما كانت عام 1997 محلاً لتأجير الأفلام في «سكوتكس فالي» في كاليفورنيا، توسعت نتفليكس في عام 2013، وأصبحت من منتجي الأفلام والبرامج التلفزيونية والوثائقية. تظهر خلفية ريد في محتوى الشبكة، ففي عام 1981 التحق هاستينغز بتدريب ضباط مشاة البحرية الأميركية في قاعدة كوانتيكو، ثم انتقل إلى «فيلق السلام»، وهي الذراع الثقافية للحكومة الأميركية هدفها دعم التعليم وتطوير الأعمال في مختلف بلدان العالم. كذلك، باتت نتفليكس اليوم متاحة في أكثر من 190 دولة حول العالم، مع بعض الضوابط التي تحددها سياسة الشبكة. مثلاً، لا يستطيع المشاهدون في الهند مشاهدة الأفلام المتاحة في الولايات المتحدة. إلا أنّه يمكن للجمهور العربي مشاهدة جميع الأفلام والمسلسلات الإسرائيلية المتوافرة بكثرة على الشبكة. معظم تلك الأفلام تسرد حكايات أمنية قام بها جهاز الموساد في البلدان العربية والأفريقية، بينما تبقى فلسطين بفيلم وحيد وهو «عبر الجدار» الذي يحكي قصة شابين أحبا الفتاة ذاتها، مقابل أفلام ومسلسلات إسرائيلية تحكي عن «بطولات الموساد والوجه الإنساني للجيش الإسرائيلي» في وقت تشهد فيه المنطقة العربية حملة للتطبيع مع العدو الإسرائيلي من خلال الفن.
تحضر فلسطين بفيلم وحيد هو «عبر الجدار» الذي يحكي قصة شابين أحبا الفتاة ذاتها!
تسعى وكالة الاستخبارات المركزية للاستثمار في جميع المجالات التي تقدم لها المعلومات أو الترويج لمفاهيم تخدم أهدافها. على سبيل المثال، تستثمر CIA في مجال الإنترنت من خلال شركة In-Q-tel التي استثمرت بدورها في 90 شركة من بينها microsoft وgoogle وFaceBook بمبلغ 150 مليون دولار، بهدف تزويد المخابرات المركزية بمعلومات عمن تعتبرهم «إرهابيين». كما قدمت In-Q-tel أكثر من 130 حلاً تقنياً لمجتمع الاستخبارات. يأتي دور نتفليكس في إطار الدعاية الثقافية، لبث صورة إيجابية تعلق في ذهن المشاهد حول الجيش الأميركي.
في عام ١٩٤٣، أنتجت وكالة الاستخبارات المركزية Undercover وهو فيلم وثائقي موجه لعناصر المخابرات المركزية من إخراج جون فورد وهو ضابط سابق في البحرية الأميركية وعين رئيساً لما كان يعرف بوحدة التصوير في مكتب الخدمات الاستراتيجية أي CIA اليوم. تضع نتفليكس الفيلم على منصتها إلى جانب العديد من الأفلام العسكرية القديمة التي أنتجتها الوكالة في حقبات زمنية مختلفة، بالإضافة إلى أفلام جديدة تظهر «عظمة وإنسانية» الجيش الأميركي. غالباً ما كانت تستخدم الأفلام لبث دعاية خلال الحروب، فقد استعان هتلر أيضاً بالمخرجين الألمان لإنتاج أفلام تحاكي عظمة النازية، لكنها كانت تعرض في صالات ألمانيا فقط. تتوجه نتفليكس اليوم لأكثر من ١٥٠ مليون مستخدم حول العالم يشاهدون الأفلام والمسلسلات ويتفاعلون بتسجيل إعجابهم وتحديد أنواع الأفلام التي يرغبون بها وإعطاء المقترحات، لمعرفة رغبة الجمهور وتأثره بشكل مباشر.
تلقى نتفليكس اهتماماً ودعماً من مدراء استديوهات هوليوود، الذين يطلقون على ريد صفة الذكي وبأنه يمضي في مخطط ناجح. في عام 2013، انتقلت نتفليكس إلى وادي السيلكون وهي منطقة تضم الشركات التكنولوجية الكبرى مثل NASA Ames وgoogle وfacebook وغيرها من الشركات الناجحة، فيما لا يعترف موظفو خدمة الإجابة عن رسائل المستخدمين عن وجود مكاتب لنتفليكس في العالم العربي، بينما يفضح برنامج «غوغل إيرث» وجود أحد المكاتب لها في عاصمة الكيان الإسرائيلي، ما يثير التساؤلات عن دور المكتب إن كان تجارياً أم مشغل خدمات الشركة في الشرق الأوسط.