لم يحدث أن انزلقت التغطيات الإخبارية الى الى هذا القعر، ولو تحدثنا عن خصومة بل عداء على أشدّه بين طرفين موصوفين. فقد شكّل اغتيال الجنرال قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، في الإعلام الخليجي تحديداً، صحفاً وقنوات تلفزة، فرصة للتشفي من قائد «فيلق القدس»، الذي يشكل ثقل مركزه وانجازاته ومهامته في الشرق الأوسط، مصدر أرق دائم لدول الخليج، فكيف إذا تحدثنا، عن غياب هذا الرجل، وتداعيات الإغتيال على الإقليم والصراع المفتوح مع الولايات المتحدة الأميركية؟ قد يكون مشروعاً الخصوم السياسي والعقائدي مع الرجلين ومع ما يمثلانه من نهج سياسي وفكري، لكن هل جائز في عالم الإعلام وأخلاقيات المهنة، وقبلها الأخلاقيات الإنسانية، أن يتناول حدث الإغتيال من زاوية «أشلاء» كل من الرجلين! لا شك في أنه السقوط الأقوى للإعلام الخليجي، في تعاطيه مع الحدث الذي هزّ العالم، وما زال، بالإنحدار الى هذه النقطة التي لا تعبّر سوى عن إفلاس وغياب لأي أخلاق إنسانية في الدرجة الأولى، ومهنية في الدرجة الثانية. بعد أيام قليلة من وقوع الجريمة في العاصمة العراقية، عنونت «العربية»: «جثة سليماني تصل ايران وأشلاء المهندس ترافقه». أما جريدة «الشرق الأوسط»، فقد تصدّر صفحتها الأولى أمس، عنوان «ايران لفرز اشلاء سليماني والمهندس». هكذا، خرجت هذه العبارات التي يظن الإعلام الخليجي وغيره (أوردت قناة «الحرة» الأميركية الناطقة بالعربية في تغطيتها عبارات «الأشلاء»، و«كف يد سليماني المبتورة»)، أنه باستخدامها يمكن أن يخدم أجندته السياسية، ويتشفى من مقتل سليماني والمهندس، لكن في نهاية المطاف، لا يدل ذلك سوى على انحطاط أخلاقي ومهني لم يسبق له مثيل في عصرنا الحالي!