هكذا، أعلنت الشركة عن مجموعة مشاريع متنوعة خصّصت منها جزءاً لمصر والخليج أيضاً. وعن انعكاسات الأزمة الحالية في لبنان على مشاريعه الرمضانية، يجيب صادق الصبّاح في اتصال مع «الأخبار»: «نحن مهتمّون بمتابعة الإنتاج في لبنان. نقوم ما بوسعنا لتقديم أعمالنا كما هي لرمضان 2020. لقد بدأنا التحضير لها حالياً كأن لا مشكلة في البلد. لا نفكّر في تغيير مخطّطاتنا إلّا في حال عمل أمني لا قدّر الله. على رغم الأزمة الحالية، إلا أننا في صدد تصوير الجزء الثالث من «ما فيي» (كلوديا مارشليان ورشا شربتجي) الذي لم يتوقف إلّا أياماً قليلة فقط». يشدد صبّاح على تمسّكه بمواصلة العمل في لبنان، قائلاً: «يجب استمرار الصناعة هنا لأنها تُشغل عدداً كبيراً من العاملين في شتى المجالات. لذلك لن نتوقّف عند أوّل مطبّ نتعرّض له، بل إنّ عملنا في الأزمات يجب أن يكون مشابهاً لمشاريعنا في الأيام العادية».
بدا واضحاً أن شركات الإنتاج تركّز هذه الفترة على تقديم مسلسلات قصيرة بعدما دخلت عالم الـ«ستريمينغ» من بابه الواسع. وبسبب الانشغال بتلك المشاريع، قد يخفّ وهج الدراما الرمضانية لأنّ غالبية تلك الأعمال تصوّر حالياً وستُعرض بداية العام المقبل من بينها «العميد» (كتابة وإخراج باسم السلكا/ و«عهد الدم» (إنتاج «إيغل فيلمز»).
من جانبها، لم تحسم بعد شركة «إيغل فيلمز» مشاريعها لرمضان، إذ تنتظر حلول العام الجديد للإعلان عن خطّتها وأماكن التصوير. اللافت أنّ الشركة التي يديرها جمال سنان تضع كلّ تركيزها هذا العام على إنتاج الدراما الخليجية لعرضها على قنوات خليجية ومنصات أخرى معروفة. فالسوق الخليجي واسع ويشهد حركة لافتة في الوقت الحالي، فوقّعت هذه الشركات عقود عمل مع mbc studios المنضوية تحت قناة mbc.
أولى بوادر الاتّفاق بين الشركتَين مسلسل «سفر برلك» الذي يخرجه حاتم علي ويصوّر بين لبنان ومصر ودول عربية أخرى. المسلسل تاريخي اجتماعي، تعود أحداثه إلى الفرمان الذي أصدره السلطان العثماني محمد رشاد عام 1914 يدعو فيه الرجال الذين تراوح أعمارهم بين 15 و45 سنة من رعايا الدولة العثمانية، من بينهم رعايا البلاد العربية، إلى الالتحاق بالخدمة العسكرية الإجبارية. الفرمان نتجت عنه المجاعة والفقر والتهجير التي عاشتها الدول العربية بدءاً من السعودية وصولاً إلى سوريا ولبنان ومصر. أمّا في الدراما المحلية المطعّمة بالنجوم العرب، فإنّ «إيغل فيلمز» وضعت على سكة الإنتاج مجموعة مشاريع على رأسها مسلسل لماغي بو غصن، وآخر لسيرين عبدالنور، وكلاهما سيصوّر في بيروت. لكن لم تتّضح بعد صورة الأبطال ولا فريق عمل المسلسلين، ومن المتوقّع أن تُحسم الأمور خلال الأسابيع المقبلة.
في المقابل، يبدو أن الأزمة في لبنان ستنعكس على شركات الإنتاج «الصغرى» بدرجة أكبر من الشركات الكبرى التي تنتج الدراما العربية، على اعتبار أنّ الشركات الكبرى وقّعت عقود عمل مع قنوات خليجية (أبرزها قناة mbc وosn...) تفرض عليها التصوير. فالإنتاج اللبناني كان ولا يزال يواجه عثرات مادية عدة. وعلى رغم أنه شهد حركة وحيوية في السنوات الماضية، إلا أنّ الأزمة المالية وارتفاع سعر الدولار الأميركي في لبنان، ضيّقا الخناق عليه بشكل أكبر، فأُوقفت جميع الأعمال التي كانت مقرّرة سابقاً، بالإضافة إلى ضبابية الوضع السياسي اليوم، وعدم اتضاح الصورة في رمضان. وتُجمع غالبية الشركات على أن الموسم الرمضاني لم يُحسم بعد في ظلّ استمرار الحراك وربما بقائه إلى أجل غير مسمّى.
تخوّف من عدم قدرة المحطّات على شراء المسلسلات الرمضانية
في هذا السياق، كان المنتج مروان حداد قد كشف أخيراً في اتصال مع «الأخبار» عن تجميد جميع مسلسلاته منها ما كان سيُعرض في رمضان ومنها ما كان سيُعرض خارج السباق. على رغم التحضيرات لمسلسل «عشيق أمي» (كتابة رازي وردة وإخراج كنان سكندراني) الذي سيجمع ورد الخال والنجم السوري خالد القيش، إلّا أنّ عرضه تأجّل إلى موعد لم يُحدّد بعد. في المقابل، أوقف حداد استكمال تصوير المشروع الكوميدي «لا قبلك ولا بعدك» (كتابة كريستين بطرس وإخراج جورج روكز) لعباس شاهين وجيسي عبده. وكانت قناة «الجديد» قد بدأت بعرض المشروع، ولكنّها جمّدته مع اندلاع الحراك. من جانبها، حضّرت قناة «الجديد» مسلسل «آخر الدني» (معالجة درامية لنادين جابر وسيف حامد، كتابة خالد ابراهيم، وإخراج إياد نحاس) وبدأت تصويره ليكون حاضراً للعرض في شهر رمضان. لكن المحطة أوقفت مشروعها، وستتخذ قراراً بشأنه بعد عيدَي رأس السنة والميلاد، بناءً على صورة الأوضاع المحلّية. أما في قناة mtv فالوضع متأزم في ظلّ التقشّف وحصول الموظفين على نصف معاش على مدى ثلاثة أشهر متواصلة، وهذا الأمر سينعكس على تعاون المحطّة مع كارين رزق الله. فسنوياً يتجدّد العقد بين الطرفَين، وهذا العام، يبدو أن الممثلة اللبنانية قد تغيب في رمضان للمرة الأولى منذ نحو خمس سنوات.
رغم أنه قرّر سابقاً عدم الدخول في أيّ مشروع درامي في رمضان، إلا أنّ المنتج زياد شويري كان يحضّر لمسلسل يلعب بطولته سعد لمجرد ووضع خطّة لتصويره في لبنان، على أن يُعرض على إحدى المنصّات العالمية. ويشير شويري في اتصال مع «الأخبار» إلى أنه في حال بقيت الأوضاع على حالها، قد ينتقل التصوير إلى خارج البلاد.
في حال استمرّت الأوضاع على ما هي عليه، قد ينتقل تصوير مسلسل سعد لمجرد إلى خارج لبنان
على الضفة نفسها، تشهد علاقة المنتجين اللبنانيين بالقنوات المحلية أزمة حقيقية. إذ يرتفع صوت المنتجين المطالبين بالحصول على أموالهم المكسورة على الشاشات منذ أشهر طويلة. مع انطلاق فصل الخريف، استبشروا خيراً بحلحلة أوضاعهم، إلّا أنّ قرار وقف عرض المسلسلات المقرّرة ـــ بسبب التطوّرات في الشارع ـــ زاد الطين بلة. لذلك إن العلاقة بين المنتجين والقنوات حالياً متوترة وربما تظهر انعكاساتها الكبرى في شهر رمضان. فرغم أنه من المبكر الحديث عن تلك البرمجة، لكن في حال استمرّت الأوضاع على ما هي عليه، فإنّ المسلسلات مهدّدة بعدم العرض، أو قد يُبثّ الجزء القليل منها، وقد تستعين القنوات ببعض المسلسلات التي لم تعرضها بسبب التظاهرات. فالشاشات حالياً تدفع نصف معاش للموظفين، مع تخوّف من عدم تمكّنها من شراء المسلسلات الرمضانية، تحديداً المشتركة التي يتم شراؤها لقاء مبلغ ضخم مثل مسلسل «الهيبة».