«فتح الهواء لساعات من أجل نقل وقائع احتراق وإعادة نصب القبضة المرفوعة في ساحة الشهداء، ولم يعنهم احتراق رجل وشقيقة زوجته حيين في سيارة». هذه خلاصة ما تداولته السوشال ميديا أمس عن التعاطي الإعلامي مع الحادث الذي وقع في «الجيّة» وراح ضحيته مواطنان لبنانيان، إحتراقاً بعد اصطدام السيارة بعوائق حديدة واسمنيتة جراء قطع الطرق. شكلت هذه الحادثة المفجعة فجر أمس، الشعرة التي قصمت ظهر البعير، وقسمت معها اللبنانيين حيال التعاطي مع الحراك الشعبي، مع تزايد سقوط الضحايا وزهق دمائها في الشوارع. كان واضحاً أمس هذا الإنقسام في الشارع، مع اضاءة الشموع وحملات الإستنكار في الضاحية والنبطية، ووسط بيروت، وغيرها من المناطق، لكنها لم تكن بالصورة عينها، التي تعاطى فيها هذا الإعلام مع الضحية علاء أبو فخر، الذي كنّي بـ «شهيد الثورة» ورسمت صوره على جدرايات ضخمة، وأضيئت له الشموع في المناطق كافة. «الجديد» التي بررت لاحقاً وصفها ما حدث في «الجية» بأنه «حادث سير» عبر نقلها الخبر عن صفحة «التحكم المروري»، سادت نشرتها الإخبارية أمس، لغة مختلفة، تتنصل من قطع الطرق، و«التدقيق في الهويات»، و«إذلال المارة والعابرين»، وتدعو الى تنقية الحراك من «الجهات الحزبية التي لها حسابات على الأرض». خبر ضحايا «الجية» تصدّر النشرة الإخبارية، لكن القناة لم تنقل من قلب «الضاحية» كما دأبت سابقاً، بسبب ما أسمته ردود «الجمهور الغاضب» لا تخلياً عن تغطية موجبة، فكانت الحصة الأكبر لقناة lbci، التي تمركز فريقها في قلب «المشرفية» ونقل عبر البث المباشر الوقفة المستنكرة لحادث «الجيّة» مع استصراح المشاركين. انعطافة «الجديد»، لم تنسحب على mtv، التي قزمت مقتل لبنانيين حرقاً ووصفته في مقدمة نشرة أخبارها بـ «حادث السير المؤسف»، وبدت متأسفة بدورها، على «ضرورة منع تقطيع أوصال البلاد من خلال قطع الطرقات». هذا في مقدمة النشرة، أما تقريرها، الذي أخرته الى منتصف النشرة تقريباً بعد عرض تسعة تقارير، فوصف ما حدث بـ «حادث سير مرّوع»، واتهم الضحية حسين شلهوب بأنه كان مسرعاً قبل وصوله الى الحاجز الحديدي. علماً أن السيارة تبعاً لشهادة الإبنة الناجية، تؤكد رمي شيء عليها، مما افقد الرجل السيطرة عليها قبل وصوله الى العائق الحديدي الموضوع في منتصف الطريق. التقرير أيضاً اتهم عائلتيّ شلهوب والجندي المفجوعتين بـ«تبني اتهامات أطلقها حزب الله ومسؤوليه بحق المتظاهرين»!