منذ بدء الحراك الشعبي اللبناني في 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وقناتا «العربية» و«العربية ــ الحدث» تحديداً، توليان اهتماماً عالياً بالحدث. تتصرف الشبكة السعودية في تغطية التظاهرات كأنّها قناة محلية، بدخولها في التفاصيل التي قد لا تهم شرائح عديدة تتابع الفضائية المذكورة، إلى جانب تركيزها طبعاً على الحدث العراقي، في محاولة لإيجاد تقاطع بين الساحتين. في الأيام الأولى للحراك، عانت القناة من صغر فريقها في بيروت وصعوبة توزع المراسلين على مناطق لبنانية متفرّقة شهدت تظاهرات احتجاجية، الأمر الذي دفعها إلى الاستعانة بريما مكتبي التي نزلت إلى الشارع ونقلت الصورة من هناك.
طبعاً أجندة القناة المعروفة لم تخفها طيلة تغطيتها للحراك، لا سيّما في ما يتعلّق بالتصويب على «حزب الله» وإقحامه في الحدث، وعلى أمينه العام السيد حسن نصر الله، والتركيز على مقطع يتيم خرج من ساحة «رياض الصلح» وقتها يهتف بأنّ «نصر الله واحد منهن»، أو على مناطق تطلق عليها القناة «معقل حزب الله» كمدينة بعلبك على سبيل المثال.
الحراك الذي فجّرته بداية الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية، تحوّل على الشاشة السعودية إلى بازار يعيد إنتاج شخصيات من 14 آذار، راحت تستضيفهم تباعاً. من فؤاد السنيورة إلى أشرف ريفي وسامي الجميل ولقمان سليم وتوفيق الهندي... وذلك ضمن سياق سياسي واضح يتخذ من الحراك منطلقاً للتصويب على أفرقاء سياسيين تعاديهم «العربية»، وعلى رأسهم «حزب الله» و«التيار الوطني الحر».
طبعاً، شهدنا مع الوقت فيديوات تظهر اعتراضاً على عمل القناة في الميدان من قبل بعض المحتجين، خصوصاً في ساحتيّ «رياض الصلح» و«الشهداء» في وسط بيروت. يومها، بعث هؤلاء برسالة واضحة في وجه التزوير الذي تمارسه «العربية» في التغطيات، مع العلم بأنّ الشاشة السعودية كانت تخفي بداية اللوغو الخاص بها، لكن غالبية الموجودين في الشارع يعرفون وجوه مراسليها، كريما مكتبي مثلاً.
لم توفّر الشبكة السعودية برامجها الحوارية السياسية، والترفيهية، وحتى الساخرة منها (DNA ــ نديم قطيش)، لمواكبة ما يجري على الأرض في لبنان. وأضحت أسماء المناطق اللبنانية (جل الديب والزوق...) تمرّ يومياً على شاشتها، إلى جانت تظهير أشكال الاحتجاج أيضاً كقرع الطناجر مساءً. التزوير شمل أيضاً الادعاء أن مراسلة otv، ريما حمدان، هي من بادرت إلى ضرب متظاهر في بعبدا، على الرغم من أنّ العكس هو الصحيح.
إذاً، تُدخل «العربية ــ الحدث» نفسها بقوّة على الساحة اللبنانية، وتطلّ من خلال التظاهرات الشعبية لتعيد زخماً سياسياً غاب عن شاشتها، محاولة في الوقت نفسه استثماره في انتقاء جزئيات من المشهد الحالي خدمة لأجندتها.