منذ بدء الحراك الشعبي في 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، واكبت otv، التظاهرات في الشوارع ولو انضمت متأخرة اليها. لم تستطع القناة البرتقالية في البداية أن تسير عكس الموجة الشعبية العارمة حتى لو طالتها سهام من جمهورها، الذي أخذ يركز شتائمه وهجومه على أركان تيارها. واجه فريقها الميداني الذي انتشر في المناطق هجوماً أيضاً، وطرداً من الساحات، واضطر بعضهم لفتح الهواء حتى لمنتقدي «العهد». ظل الهواء بشكل متقطع مفتوحاً على مدى أكثر من 17 يوماً، الى حين موعد الخطاب الثاني لرئيس الجمهورية ميشال عون، في الحادي والثلاثين من الشهر الماضي، في الذكرى الثالثة لإنتخابه. خطاب اتسم بكلام يقال للمرة الأولى حول تركيبة النظام اللبناني وطرق سلوك الدولة المدنية. في النشرة الإخبارية التي تلت الخطاب في اليوم الثاني، قراءة لواقع تريد otv تعميمه، علماً أنها لم تنجح في ذلك، عبر القول بأن «كابوس قطع الطرق زال وعاد حلم بناء الدولة القوية ينبض في عروق اللبنانيين» في إشارة واضحة الى «القوات» و «ممارساتهم الميليشياوية المستعادة» خلال الأسبوعين الفائتين، وأن ما بعد «الرسالة الرئاسية لن يكون كما قبلها»، مع تعويل على التظاهرة العونية التي عمّت طريق «قصر بعبدا» أمس. وإبان التحضير للتحرك البرتقالي، استعاد هؤلاء في القناة تحديداً أنفاسهم التي حبسوها طيلة ايام الحراك الشعبي، وارتدت otv، ثوبها الحزبي، مع بث للأغاني الإحتفالية، وحشدت عالياً للتظاهرة وواكبتها في مسارها، حتى إنّها استعانت بفيديوات مسجلة من الإنتشار اللبناني دعماً «للعهد»... لنكون بعد فترة الظهر امام مشهد مغاير عن الأيام السابقة. إذ قررت المحطة، بشكل مفاجىء، التعتيم الكامل على تظاهرات «وسط بيروت» والمناطق، واستبدلت الحدث بإعادة بث لتظاهرة «أهل الوفا» الداعمة لعون. كانت المرة الأولى التي تلجأ فيها الى هذا السلوك، في تماه مع التلفزيون الرسمي. منذ تلك اللحظة، يمكن توصيف المشهد هناك، على أنه حقيقة «انقلاب» على ما قبله، بل إمعان أكثر في الإصطفاف وهجوم على قاطعي الطرق. باختصار، قلبت otv موازينها، ولم يعد هناك من إمكانية لمراعاة الشارع وصرخاته، انكفأت على نفسها وعلى خطابها الحزبي، الذي ركز على خطاب مضاد للساحات ولشعار «كلن يعني كلن» بالدعوة الى محاسبة الفاسدين وإيجاد الأطر الدستورية لإستعادة الأموال المنهوبة.