«وصلنا لآخر الوقت» الجملة السائدة في اللهجة الدراجة كدلالة على ارتكاب أفظع السلوكيات، ألهمت صنّاع مسلسل لبناني سوري بتسميته «آخر الدني» (تأليف خالد إبراهيم ـــ معالجة درامية سيف رضا حامد ـــ إخراج إياد نحّاس ـــ بطولة: تقلا شمعون، سارة أبي كنعان، مونيانا مقهور، وسام فارس، أسعد رشدان، سامر كحلاوي، طلال الجردي وفيفيان أنطونيوس. إنتاج تلفزيون «الجديد» ــ العرض للعام المقبل) العمل الذي سيقدّم على مدار 60 حلقة، ينطلق من حالة اجتماعية ومسرح أحداث بكر، هو الميتم الذي تربّت فيه صديقتان كأختين. لكنّ أحداثاً مفاجئة تطرأ، فينشب بينهما صراع حاد، وتغدر إحداهما بالأخرى. وبحسب صنّاع العمل، فإن الحكاية ستحوي كماً فائضاً من التشويق والجذب، بخاصة أن القصة غريبة جداً وغير مطروحة سابقاً في الدراما...في حديث مع «الأخبار»، يؤكد المخرج السوري إياد نحاس بأن الخيار كان محاولة البحث عن مطرح يحمل الجدّة والطزاجة من ناحية المنطق الدرامي، ولا يتخلى نهائياً عن الشرط الجماهيري الجذّاب بالنسبة إلى المشاهد. ويضيف: «تتكشف خيوط الحكاية الأولى من ميتم تعيش فيه زميلتان وصديقتان مقربتان جداً، وهما طرفا المعادلة الأزلية والصراع المحتوم بين الخير والشرّ. نتعرّف في بداية العمل إلى هاتين الشخصيتين لتتصاعد الحكاية في ما بعد عندما تعرف إحدى الفتاتين بأن لصديقتها جدّة مترفة مادياً، تملك الكثير من المال، وهو ما يجعلها تنتحل شخصيتها وتغادر الميتم لتقنع الجدّة بأنها حفيدتها سعياً لتحقيق أحلام غير سوية في الثراء، ولو كان الثمن تدمير حياة صديقتها والعبث بمستقبلها. علماً بأن صديقتها لا تعيش في الميتم نتيجة علاقة غير شرعية أو أنها لقيطة مثلاً، إنما هذا كان خيار الجدّة الثرية التي وضعتها في الميتم وراحت تتكفل بكامل مصاريفها». لكن ما المبرر الدرامي لوصول الحفيدة إلى الميتم وجدّتها بهذا الغنى؟ يجيب نحّاس: «المفارقة التي سيكتشفها المتفرج بأن العمل يحمل طابعاً شيوعياً رومانسياً في قصة حب كانت فتاة الميتم ثمرتها، بعدما عشق والدها فتاة من طبقة اجتماعية مختلفة فرفضت العائلة هذا الزواج. وبعد إنجاب زوجته لابنتها، اختُطفت الفتاة وكان القصد قتلها. لكنّ الجريمة لم تنجح فوضعت في الميتم، من دون علم والدها بأنها لا تزال على قيد الحياة».
حتى هذه اللحظة، تبدو الحكاية ــ رغم كلاسيكيتها ـــ غير مرتبطة ببيئة محددة، فهل هذا يسهل ربما على مخرج سوري إدارة عمل لبناني؟ يعقّب مخرج «الرابوص» (كتابة سعيد الحناوي): «حتى نكون منطقيين وصريحين، القصة ليست مبتكرة إنما هي تعريب لمسلسل أجنبي يوناني تحديداً تصل عدد حلقاته في الجزء الأول فقط إلى 200. وما شجعنا على هذا الخيار أن الحكاية لا تمسّ واقعاً أو بيئة محددين. إنما يمكن إسقاطها على أيّ مكان وزمان، لتكون العبرة في خواتيم الأحداث، ومسارات الشخصيات وطريقة تصرفاتها، وهي فكرة عالمية ربما تكون جذابة لكل جمهور التلفزيون! محاولاتنا ارتكزت إلى فكرة أن تمشي الحكاية في قالب لبناني. لذا اعتمدنا على كاتبة لبنانية هي نادين جابر لتشتغل على اللهجة وتمنح الحكاية بعداً وروحاً لبنانيين». من جانب آخر، يعوّل المخرج السوري على رومانسية القصة وبساطتها ومحاكاتها التيمة العالمية في قصص الحب السائدة، وهو برأيه «الرهان الكبير لخلق حالة جماهيرية واسعة».
تؤدي البطولة تقلا شمعون، وسارة أبي كنعان، وأسعد رشدان، وطلال الجردي وفيفيان أنطونيوس وغيرهم


في كل الأحوال، يُعرف عن نحّاس رغبته في تقديم دراما تلفزيونية مختلفة عن السائد من دون أن يقف الأمر عند حدود الرغبة في التجديد فقط، بل بمنطق الضرورة التي يقتضيها العمل الفنّي والإبداعي بشكل عام. وقد سبق له أن عمل باهتمام على تفاصيل دقيقة في بعض أعماله بدءاً من الشارات، مروراً بالغرافيك، ثم إعطاء مساحة قيّمة للصورة الجذابة ولونها، والتنقل السلس بالزمن، من دون الحاجة إلى إشارة لمشاهد الفلاش باك مثلاً. فهل يضع في مخيلته حلولاً بصرية تخصّ هذا العمل بشكل محدد؟ يجيب: «من الطبيعي أن يكون الخيار البصري منسجماً مع روح القصة. لذا سنذهب نحو الخيار الرومانسي الحالم، والاجتماعي البسيط والحساس من ناحية الصورة واللون. وغالباً سنكون في مناطق تماس مع الناس لقرب الموضوع المطروحة من مدركاتهم واهتماماتهم. ثم بدون اجتهاد لتقديم خيار جديد أشعر كأنني لا أنجز، أو أن العمل سيطر عليه الكسل. لذا لا بد من محاولات لتتسم صورة مسلسلنا ومنطقه البصري بشيء مختلف على الأقل عن كل ما قدمته سابقاً».