لم تمض ساعات على حديث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في إحياء الليالي الأولى العاشورائية، أول من أمس، وتأكيده على أن الرد حتمي ومن داخل الأراضي اللبنانية، حتى أتى الرد بعد ظهر أمس. بدأت أولاً مجموعة أخبار عاجلة تتحدث عن استهداف آلية عسكرية على الحدود مع فلسطين المحتلة. ومع بيان المقاومة، الذي تبنى عملية «أفيفيم» وأكد استهداف الآلية العسكرية في قاعدة «أفيفيم» الحدودية، اتجهت الأنظار الى قناة «المنار» التي سارعت إلى تغطية الحدث، ونقل الصورة، سيما بعد اقدام العدو على قصف أحراش بلدات جنوبية محاذية للشريط الحدودي، بقنابل حارقة وأخرى عنقودية. وقف مراسل المحطة سامر الحاج علي، من بقعة تماس مع الاعتداءات الإسرائيلية في منطقة «مارون الراس»، وبدأ بسيل رسائله على الهواء، ينقل بالصورة الحيّة ما يحدث جنوباً. طبعاً، افتقرت أغلبية وسائل الإعلام المحلية لهذه الصورة، نظراً إلى غياب تواجد أطقمها هناك، فاستعانت على وجه السرعة بصورة «المنار»، أو «الميادين» المتواجدة في تلك البقعة بعد انتهاء عملية المقاومة. كذلك كان لافتاً، استعانة فضائيات عربية تعلن عداءها لحزب الله، بـ «المنار» ةوضع لوغو الأخيرة على شاشتها، لنقل ما يحدث على الحدود. انقسمت الشاشات بعدها، نتحدث هنا، عن lbci وotv، و mtv، الى نافذتين، لنقل الحدث «القواتي»، وكلمة سمير جعجع، وبقي «تلفزيون لبنان» ينقل لوقت طويل قداس «القوات» من دون أن يلتفت الى ما يحدث في الجنوب اللبناني من تطورات غير معروفة كيف ستنتهي! أكثر من ساعتين ونصف الساعة، استمرت التغطية في مواكبة ردّ فعل الإسرائيلي، وترقب المواقف الصهيونية من الداخل، لا سيما كلمة بنيامين نتنياهو، بشأن قراره بالتصعيد أو الاكتفاء بما فعله جيش الإحتلال على أطراف البلدات اللبنانية، وإشعاله للحرائق فيها. تغطية سادها سيل من الشائعات، سيما مع الحظر الذي فرض على وسائل الإعلام الإسرائيلية، وتكتّم «اسرائيل» على إصابات جنودها، وإنكارها لاحقاً وقوع إصابات في صفوف جيشها. من ضمن الشائعات، التي انتشرت باطراد على مواقع التواصل الإجتماعي، مقتل رئيس «الأركان» الإسرائيلي، وأيضاً الصور المزيفة التي قيل بأنّها من قاعدة «أفيفيم»، تظهر آلية عسكرية محترقة، وإجلاء الجنود داخلها، واتضح لاحقاً أنها غير صحيحة. علماً أنّ عدداً من وسائل الإعلام المحلية نقلت الصور على شاشتها، إضافة الى تعمّد بعضها، إثارة البلبلة، والإدعاء بأن الجنوبيين يهمون بالنزوح الى بيروت، وهذا الأمر بالطبع لم يكن دقيقاً، ما خلا العائلات التي تتجه الى بيروت مساء كل أحد. وإذ بهم بعيد إعلان العدو «إكتفاءه» بما اقترف، ينتنشرون على الحدود مع فلسطين، وتحديداً في بلدتي «مارون الراس»، و«العديسة»، ويتبارون على أخذ «السلفي»، ويعبرون عن ابتهاجهم لما أنجزته المقاومة، في وقت، انتشر فيه فيديو جديد، لم يتحقق من مصدره، يظهر هلع الجنود الصهاينة، لدى وقوع صاروخ «الكورنيت» في القاعدة العسكرية، وآخر يظهر اختباء مراسل إحدى القنوات الصهيونية وهو يدلي برسالته على الهواء خلف شجرة هناك.

في المحصلة، ظهّر الحدث الجنوبي، افتقار بعض الشاشات للجهوزية في المواكبة ونقل الصورة، والأهم إدارة المحتوى الذي يحتاج في فترة الأزمات الى رقابة عالية، من ضمنها تجنب نقل ما تقوله وسائل الإعلام الصهيونية وأذرعها في وسائط التواصل، وأيضاً تعمد عدم الوقوع في لعبة العدو النفسية (من ضمنها قصة النزوح)، أو حتى التقليل من شأن الحدث من خلال نقل قداس ديني سياسي، فيما البلد كله كان أمس، يحبس أنفاسه لما سيقوم به العدو الإسرائيلي من مغامرات في الداخل اللبناني!