قبل أيام قليلة، زار الكاتب والباحث في «التاريخ المعاصر في الشرق الأوسط» في «معهد العلوم السياسية» في باريس، جان بيار فيليو متحف المقاومة في «مليتا» (جنوب لبنان)، ونشر بالأمس، مقالاً له في صحيفة «لو موند» الفرنسية بعنوان :«تجربة «سياحية» في معقل حزب الله». في هذا مقال، خصص الكاتب الجزء الأول، لوصف تفاصيل المنطقة الجنوبية، ومحتويات المعلم السياحي العسكرية، وربطها بـ «تصاعد التوتر بين ايران والولايات المتحدة الأميركية». فيليو، المعروف بمواقفه المتشددة من الحزب، استطاع دخول «متحف مليتا»، وتصوير بعض مقتنياته وعرضها في المقال، والإنطلاق من جولته الأشبه بالتجسسية ليفتح بعدها «حرباً» من نوع آخر على الجهة التي فتحت له بوابتها، وكنّاها بـ «الميليشيا الشيعية». في نهاية المقال، اتهم الحزب بأنه استغل معركته ضد «اسرائيل» من أجل صناعة «بريستيجه» السياسي والعسكري، متهماً إياه بالعمل على «محو» اي أثر للتنظيمات الفلسطينية، وغيرها من الفصائل التي قاومت العدو الإسرائيلي، ليعزز أحاديته، كطرف واحد وأوحد في «المقاومة الإسلامية». كذلك، استعاد تدخل الحزب في سوريا، ضمن ما أسماه «معركة في بلد غريب»، تحت ذريعة «حماية لبنان من الجهاديين في الحرب المتوقعة». وأنهى مقالته، بعد ترجمته لشعار مليتا «حكاية الأرض السماء»، بأنi بعيداً عن الخطاب الثوري الرومانسي، تكشف «مليتا» أكثر ما أصبح عليه حزب الله عسكرياً، في هذا الصيف الذي يحمل العديد من «المزايدات» في منطقة الشرق الأوسط. الخطورة هنا تكمن ليس في زيارة تجسسية للمؤرخ الفرنسي، بل في مكانته التي يحظى بها في فرنسا، والسمعة التي اكتسبها ككاتب «موضوعي»، يمكن أن يصدقه كثيرون. وها هو يدسّ السمّ في العسل، ويبعث برسائل سياسية، ويوزع اتهاماته يميناً ويساراً بعدما غادر بيروت، واحتمى بمقالته في «لو موند».