قصة نجوم الدراما السورية مع تقديم البرامج قديمة، ربما يكون عمرها أبعد من الوقت الذي ظهر فيه عبّاس النوري مقدماً لبرنامج الكاميرا الخفية: «منكم وإليكم والسلام عليكم»، مروراً بالتجربة الخاصة لـ «فنان الشعب» الراحل رفيق السبيعي مع البرامج الإذاعية، ثم حضور الكوميديان دريد لحّام على الشاشة كمذيع، وصولاً إلى أيمن زيدان في «وزنك ذهب» ثم أمل عرفة في أكثر من مطرح، وباسم ياخور، وآخرين...هيبة النجومية والكاريزما والبراعة الحوارية وخفة الظل وسهولة التعاطي مع الكاميرات، كانت عناصر خلقت لهؤلاء تفرّداً واضحاً وتمايزاً طاغياً عن أي مذيع آخر، يقدّم براج شبيهة. لذا كان هناك شبه إجماع على القيمة المضافة التي يقدّمها صنّاع الدراما السورية عندما يتصدّون لتقديم البرامج!
لكنّ الحياة اختلفت جذرياً، والمقياس والهم صارا مرتبطين بكم المبلغ المدفوع على أيّ عمل، حتى قبل سماع الفكرة، أو قراءة أي سطر مكتوب عن منطقه وبنائه. هكذا، نحن اليوم أمام موسم حافل بإطلالات نجوم دراما على منصّات برامج المسابقات الترفيهية، لكن مع تراجع حاد في مؤشر السوية الفنية. فعلياً بدت هذه البرامج كأنها تتهاوى إلى أماكن لها علاقة بالاسترزاق أوّلاً، ثم الترويج المجّاني لشركات الاتصالات التي توحي للمشاهد بأنها تقدم له بيمينها مبالغ طائلة كجوائز يومية، فإذا بها تقتنص بيسراها أضعاف ما تقدّمه ومن جيوب المشاهد نفسه؟! يتم ذلك من خلال توريطه والاحتيال عليه لفظياً لإرسال أكبر قدر ممكن من رسائل sms. يطلّ الممثل والمخرج سيف الدين السبيعي مع النجمة شكران مرتجى في تقديم برنامج «كاش مع النجوم» (قناة سما)، فيما كانت حصّة الكوميديان أيمن رضا على الفضائية السورية في برنامج «صفار كتار». وهما برنامجان متشابهان من ناحية الفكرة وتقديم الجوائز للمتصلين، إضافة إلى التقارير أو الاسكتشات الخاصة. أمّا النجمة صفاء سلطان فتقدّم خيمة رمضانية تبث من أحد مطاعم دمشق القديمة حوالى ساعة ونصف الساعة على هواء «سوريا دراما» والفضائية السورية، والبرنامج لا يتضمّن اتصالات على الهواء، إنّما مسابقات ضمن المطعم، وتقديم جوائز لرواد المكان.
ترويج دعائي لشركات الاتصالات وبائعي الموبايلات


الترويج الدعائي لشركات الاتصالات وبائعي الموبايلات فتح شهيّة المتصيّدين على الانتقادات... أحدهم سجّل أسماء الفائزين بجوائز الخيمة الرمضانية وفرز أقرباء ومعارف مقدّمة البرنامج، وآخر دقق على قول زميلتها في برنامجها بأن «رمضان كريم لكن شركة الاتصال أكرم». وراح آخرون يتهكّمون على اجتراح الحلول الابتكارية في تقديم الجوائز من خلال الركوب في رافعة طوارئ الكهرباء، ومناداة الناس من شبابيك منازلهم لإهدائهم موبايل أو شريحة تلفون!
الحالة بعموميتها استفزّت عميد كليّة الإعلام في جامعة دمشق محمّد العمر الذي قال في تصريح إذاعي: «تقديم الفنانين للبرامج الترفيهية في شهر رمضان أمر سلبي وغير مقبول ويعتبر إساءة للإعلاميين، وهناك نوع من السطحية و«المياعة» نشهد عليها في هذه البرامج وهو أمر غير مقبول على الإطلاق». وأضاف: «نعمل على تدريب طلاب الإعلام على فن الإلقاء الإذاعي والتلفزيوني، وهناك ورشات عمل وفعاليات أقيمت بالتعاون مع وزارة الإعلام، ويبقى المذيع أحق بتقديم البرامج التلفزيونية أكثر من الممثلين».
الكلام بدا فضفاضاً بالنسبة إلى عدد كبير من متخرّجي كلية الإعلام، خاصة أنّ جردة سريعة لنتاج عدد كبير من هؤلاء تكشف فقدانهم الخبرة العملية الوافية والقدرة على صياغة أي تجديد في الحالة الإعلامية المتردية في سوريا!