لو أنّ «أنا هيك»، في حلقته «رومية 1»، أمس، بدأ من حيث انتهى، نكون فعلاً أمام رسالة إنسانية، شغلت بمهنية، كون الفقرة الأخيرة، تضمنت شهادات من سجناء، أعيد تأهيلهم، وآخرين انبروا في مساعدة زملائهم وتزويدهم بالمهارات العلمية. الجزء الأخير من الحلقة، ظهّر أكثر الهدف من الزيارة، وتجوال الكاميرا في أنحاء مباني «رومية». لكن في نهاية المطاف، نحن أمام عمل تلفزيوني، ييغي دوماً الإثارة حتى لو على حساب كرامة الأفراد، سجناء كانوا أم طلقاء. الجزء الأول الذي استهل به البرنامج، كان الأسوأ على الإطلاق. إذ عكس الإعداد وترتيب الحلقة، فوضى إضافية، في خروج استصراحات عشوائية من قبل السجناء، الذين راحوا يتحدثون عن أحكامهم القضائية، ويروون تفاصيل ارتكابهم للجرائم التي دفعوا ثمنها حريتهم. بدا نيشان ديرهاروتيونيان، في مستهل الحلقة ضائعاً، وضاعت معه حركة الكاميرا التي راحت تلتقط السجناء عشوائياً، ونقلت سردياتهم حول الجرائم. تعمد نيشان هنا معرفة التفاصيل والاسماء، رغم أنها لا تخص الجمهور ولا تعنيه. هكذا، استعملت بعض شهادات السجناء، كمنصة للترويج وللإثارة، ولعلّ أشهر الشهادات، كانت من قبل سجين، روى كيف قتل أحدهم، و«قطّعه» بالسكين، وعاد و«صبّ» عليه الباطون. شهادة استعملت مراراً في الترويج والتحشيد على «الجديد»، إضافة الى شهادات أخرى، ظهرت على حدة، تخص قضايا قتل وإغتصاب، وقد عمد نيشان أيضاً الى معرفة تفاصيلها الدقيقة. ولعلّ المشهد الأقسى، الذي نقلته الكاميرا، من دون أن يستثمره البرنامج، كان لرجل عجوز، ممدد على سريره، وحوله فوضى عارمة، تشي بظروف إعتقال صعبة، وقاسية. لم يستغل نيشان هذه الحالة التي قضت في السجن أكثر من 20 عاماً، ليسأل عن ظروف العيش، عن أوضاع السجناء، عن حلول لإكتظاظهم، عن أحكام القضاء الجائرة والعادلة، بل راح يستصرح الرجل العجوز، حول جريمته، وتفاصليها واسبابها، من دون أن يكون هذا الأمر مفيداً له وللبرنامج وللرأي العام. إذاً، حلقة «رومية 1»، التي يبدو أنها ستتبع بحلقة أخرى، فشلت في أن تشتغل بطريقة مهنية، ومنظمة، وتحدد أهدافها من دخول «سجن رومية»، وإخراج كل هذه التصريحات من السجناء. صحيح أن مجموعة نجوم من ضمنهم أصالة ونانسي عجرم، راحوا يشيدون بالحلقة، على تويتر، لكن، هذا لا يعني إطلاقاً، أنها كانت موفقة، بل لم تشذ عن باقي زميلاتها في تضييع البوصلة المهنية، والخوض في مستنقعات الإثارة التلفزيونية.