قضي الأمر، واتُخذ القرار بتوقّف صحيفة «المُستقبل» عن الصدور ورقياً ابتداءً من الأول من شباط (فبراير) المقبل. إدارة الصحيفة أعلنت عن ذلك أول من أمس في بيان رسمي نشرته على موقعها الإلكتروني، بعدَما أبلغ مدير تحريرها جورج بكاسيني القرار إلى رؤساء الأقسام خلال اجتماع التحرير اليومي عند الساعة السادسة مساء. وسريعاً، أعلم المدراء الموظفين بالخبر، الذي لم يشكّل بالنسبة إليهم مفاجأة، لا سيما أنّ الحديث عن هذه الفكرة انتشر داخل أروقة الصحيفة منذ شهرين. وكانت «الأخبار» قد كشفت في الأول من كانون الأول (ديسمبر) الماضي عن قرار توقف صحيفة «المستقبل» ورقياً وتحولها إلى جريدة رقمية بالكامل بعد عشرين عاماً من الصدور، متسائلة عن مصير عشرات الموظفين، وناقلة قلقهم على تعويضاتهم. هذا المصير هو تحديداً ما يشغل الصحافيين والإداريين، علماً أنهم وُعدوا من قِبل الإدارة بأن «دفع التعويضات سوف يبدأ في شهر أيار (مايو)». على أن «يتقاضى كل موظف داخل الصحيفة منذ أكثر من 10 سنوات، تعويض خدمة 12 شهراً و4 أشهر طرد تعسفي. أما من هم في الجريدة منذ أقل من عشر سنوات، فسيحصلون على راتب عن كل شهر و3 أشهر طرد تعسفي، وطبعاً مع تسديد كل المستحقات السابقة. إذ إن العاملين في الصحيفة لهم في ذمتها أكثر من 12 شهراً». غيرَ أن أكثر ما يثير قلق الموظفين هو «عدم الإيفاء بهذه الوعود ليكون مصيرهم شبيهاًَ بما حلّ بزملائهم السابقين من الذين طُردوا أو قدموا استقالاتهم، وما زالوا حتى اليوم من دون تعويضات». والغريب أن إدارة الصحيفة التي أعلنت عن تحولها إلى صحيفة رقمية نظراً إلى «التحولات التي تشهدها الصناعة الصحافية في لبنان والعالم، والتراجع المتواصل الذي تشهده السوق المحلية في المبيعات والمداخيل الإعلانية» كما أشار بيانها، ليسَ لديها خطة جاهزة لشكل هذا الموقع أو فريق عمله أو إدارته. وفق مصادر إدارية، «هناك حالة ضياع وارتباك بشأن ما بعد التوقف عن الصدور». وفي هذا الإطار، قالت المصادر إن «بعض الأفكار التي نسمعها، تتحدث مرة عن توقّف الصحيفة ومعها الموقع الإلكتروني الخاص بها على أن يخرج كل الموظفين منهما، ومن ثمّ يتمّ تأسيس موقع جديد يعمل به فريق جديد». كما سُمع في هذا الإطار أنه «بالإمكان أن يحصل دمج للمواقع أي الموقع الخاصّ بالصحيفة والتلفزيون وتيار «المستقبل» ككل».
أحاديث عن دمج المواقع الإلكترونية الخاصّة بالصحيفة والتلفزيون والتيار

إذا ما صحّ كلام المصادر، يعني ذلك الكثير من التجني على فريق الموقع الحالي، والظلم بحقه. إذ حقق هذا الفريق على الرغم من قلة عدده (خمسة أفراد: مدير وموظفين ثابتين وموظفين غير ثابتين) نقلة في الموقع، إذ كان يتضمّن في كثير من الأحيان مواد غنية بالمقارنة مع ما كانت تنشره الصحيفة في السنوات الماضية. فكيف إذا يُمكن التخلّي عن فريق موجود وأثبت نفسه ويعمل في الموقع منذ سنوات، وهو الأخبر بكيفية التعامل مع الصحيفة الرقمية لصالح فريق جديد؟ وحتى إذا تقرر إغلاق الموقع الحالي وتأسيس آخر، أليسَ الأقربون هم الأولى؟ كل هذه الأسئلة لا تزال تتوالى، مصحوبة بمخاوف من دخول المحسوبيات على خط التوظيفات الجديدة. وهنا، يهمس كثر باسم المسؤول السابق عن صفحة «مخافر ومحاكم»، الذي تحول في ما بعد إلى رئيس فعلي للقسم السياسي من دون تكليف قاسم خليفة. ويطلق على هذا الأخير اسم «الجندي المجهول» الذي أصبح «الكل بالكل». فهو كان من المقربين جداً من الصحافي الراحل نصير الأسعد الذي «عزّز له وضعه». وبعدَ وفاة «البيك»، أصبح مقرباً جداً من بكاسيني، فكان يقرر «من يبقى ومن يغادر، ويقوم بالمناقلات داخل الصحيفة». وفي انتظار البتّ بالمصير المجهول الذي سوف يواجهه حوالى 90 موظفاً، يظّن بعضهم أن إقفال الصحيفة سوف يعود بالخير على قناة «المستقبل» وينعشها على اعتبار أنه «سيكون لها نصيب من موازنة الصحيفة».
غيرَ أن من يعلم بخفايا المؤسسات الإعلامية لتيار «المستقبل»، يدرك تماماً بأن الموازنة التي كانت مخصّصة للصحيفة هي الأقل بين الموازنات الأخرى. وهذه الموازنة لم تكن تُصرف في السنوات الأربع الأخيرة، مما كان يضطر المدير العام للصحيفة سعد العلايلي إلى الاستعانة بالإعلانات وأموال ضمان الموظفين لتأمين بعض السلف لهم!