بسرعة مدهشة، تحوّل خبر انتظار جمال سليمان في مطار القاهرة حتى يأتيه الجواب على رغبته في دخول مصر بجواز سفره الغيني إلى شائعة روّجت لتوقيفه بتهمة الدخول بجواز سفر مزوّر. ولم يكن ثمة شيء قادر على إيقاف هذه الشائعة سوى خبر فني ثقيل وصورة للنجم السوري من تحضيراته الكثيفة لتجسيد شخصية جمال عبد الناصر (1918 ــ 1970، الأخبار 12/12/2013). حالما نشر الممثل السوري صورته في زيّ الزعيم الراحل على صفحته الفايسبوكية، حتى تصدّر الخبر الواجهة. النجم الذي ينهمك حالياً بالبروفات والتدريبات المكثفة لأداء الشخصية، لا يخفي لـ«الأخبار» صدمته من محاولة تشويه سمعته، ملقياً اللوم على الإعلام السوري، وخصوصاً الإلكتروني الذي «أسهم في نشر الشائعة من دون التواصل معي أو مع الجهات المصرية المختصة».
على أي حال، يرمي سليمان القضية وراءه ليتفرغ للمشروع الدرامي الضخم «صديق العمر» للمخرج عثمان أبو اللبن. سيكون العمل مفترقاً في مسيرة سليمان، ويضعه في مقارنة مع الزعيم الحي في الوجدان العربي، فضلاً عن أنّ المسلسل يأتي في مرحلة حساسة من تاريخ مصر، مع محاولات تصدير عبد الفتاح السيسي على أنّه خليفة عبد الناصر.

يقول سليمان: «أقضي يومياً ساعات بين المذكرات وكتب التاريخ واليوتيوب ومواد الأرشيف المصوَّر والمكتوب لأتابع شخصية الرئيس الراحل وظهوره الاجتماعي المصوَّر، رغم أنّه قليل جداً. أحاول الاقتراب من هذه الشخصية التي ملأت الدنيا وشغلت الناس. مهما اختلفنا أو اتفقنا مع فكره ومواقفه، فلا نستطيع إلا أنّ نقول إنّ هذا الرجل كان مخلصاً وصادقاً. حكاية عبد الناصر ليست من الماضي، بل حاضرة حتى هذه اللحظة». يخبرنا سليمان عن اختيار عنوان المسلسل، فيقول: ««صديق العمر» هو المشير عبد الحكيم عامر. ارتبط الرجلان بصداقة ما زالت موضع كتابات ودراسات لشدة تعقيدها وتشابك ما هو عام وسياسي فيها، وبين ما هو إنساني وعاطفي وشخصي».

ويضيف: «كما هو معروف، عاشت هذه العلاقة كأنها في مركب يصارع الأمواج وارتبطت بحلم عبد الناصر بالتحرر والعدالة الاجتماعية. لكن هذا الحلم كان ضحية تلك الأمواج العاتية التي كانت أكبر منه، وضحية أخطاء نتجت من سوء تقدير حيناً، ومن الطبيعة البشرية أحياناً». وعن إمكانية إجراء مقارنة بين سليمان وفنانين جسّدوا دور عبد الناصر، يرد النجم السوري: «تقديم شخصية كهذه يعتبر تحدياً كبيراً لأي ممثل، لما يمثله الرئيس جمال عبد الناصر وعصره في فكر الناس وضمائرهم. يضاف إلى ذلك أنّه سبق أن قدم هذه الشخصية الراحل أحمد زكي في «ناصر 56»، وقبله خالد الصاوي في فيلم «ناصر»، وبعدهما وجدي كامل في مسلسل «ناصر». هذه الأعمال حملت قراءة فنية وفكرية لعبد الناصر، واجتهاداً محترماً. لكن تبقى شخصية عبد الناصر والأحداث التي واجهها وواجهتها معه مصر والأمة العربية مادة للبحث والكتابة والرواية، وستبقى مثار فضول صناع الأفلام والمسلسلات والباحثين، ولا سيما أنّ تبعاتها وملفاتها ما زالت مفتوحة حتى يومنا هذا». بدوره، يقول المخرج عثمان أبو اللبن لـ«الأخبار»: «قد تكون تحضيرات ما قبل التصوير أهم من التصوير نفسه. والأرجح أن نبدأ في شباط (فبراير) المقبل». لا يضع أبو اللبن حساباً للضغوط السياسية؛ فالمهم أن يتعرّف الجمهور إلى زاوية غير مضاءة في تاريخ المصريين الذين يقرأون عن الزعماء لكنهم لا يعرفون عن شخصياتهم الحقيقية والصداقات الشخصية التي قد تؤثر في القرارات السياسية أكثر من أي شيء. وهذا ما سيحاول صناع «صديق العمر» تقديمه للمرة الأولى. ويوضح أبو اللبن أنّ الصداقة بين الرئيس والمشير تحتاج إلى دقة كبيرة و«معاصرو الرجلين سينتظرون الحلقات ليفندوا كل مشهد ولقطة».
إلى جانب سليمان في دور عبد الناصر، يقف باسم سمرة في دور المشير عبد الحكيم عامر، درة زروق في دور الممثلة برلنتي عبد الحميد الزوجة الثانية للمشير، وصبري فواز في دور محمد حسنين هيكل الذي كان شاهداً على أهم الأحداث في تلك الفترة. والمفارقة أنّه ما زال يؤثر في ما يجري في مصر بعد 62 عاماً على «ثورة يوليو»، فهل ينجح فواز في سبر أغوار الشخصية؟ سؤال يترك عثمان أبو لبن الإجابة عنه للحلقات التي ستعرض في رمضان من دون تحديد القنوات التي اشترت حق العرض. خطوة ستعلنها I production التي تنتج العمل مع التلفزيون المصري، على أن ينطلق تصوير المشاهد الأولى في استوديوات «مدينة الإنتاج الإعلامي»، فيما يعكف السيناريست محمد ناير على الانتهاء من الحلقات المأخوذة عن كتاب «الرئيس والمشير» للراحل ممدوح الليثي.

يمكنكم متابعة محمد عبدالرحمن عبر تويتر | @MhmdAbdelRahman