القاهرة | في اليوم الذي تستقبل فيه الصالات المصرية «أسرار عائلية» (الأخبار 19/11/2013) أول فيلم عن المثلية في هوليوود الشرق، سيتاح للجمهور أيضاً مشاهدة «لا مؤاخذة» أول شريط يقارب مباشرةً العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في أم الدنيا. انتهى السينارست والمخرج عمرو سلامة من كتابة النسخة الأولى من سيناريو «لا مؤاخذة» عام 2009، لكن الجمهور سيشاهده للمرة الأولى في كانون الثاني (يناير) 2014. بين العامين، رفضت الرقابة مراراً الفيلم قبل الثورة وبعدها، إلى أن تكلم سلامة عن الأزمة في برنامج «ممكن» مع خيري رمضان على قناة «سي بي سي» قبل عام. يومها، دخل على الخط رئيس الرقابة الأسبق السيد خطاب ورحّب بإعادة النظر في النص، فحصل أخيراً على تصريح. الشريط الذي يروي معاناة طفل مسيحي في مدرسة حكومية، وتعرّضه للتمييز بسبب هويته الدينية، لم يكن ليمرّ من دون ضغط إعلامي، أو تغيير بعض تفاصيل السيناريو الأول. تغيير قبِل به سلامة ليكسر التابوه، ويكون فيلمه الأول الذي يناقش بجرأة الفتنة الطائفية في مصر، أو بشكل أكثر تحديداً كيفية نظر المسلمين إلى الأقباط في مصر.
يتذكر عمرو سلامة جلسات النقاش مع الموظفين في الرقابة، وكيف رأوا أنّ الفيلم يشوّه التعليم المصري ويثير الفتن. الشريط الذي يرفع لواء المواطنة، يقارب قصصاً حقيقية يعيشها المصريون في حياتهم، لكنهم لم يشاهدوها على الشاشة.
أفكار استوحاها عمرو سلامة من تجارب مرّ بها، سواء مع مدرّسه الذي أثّر في حياته، فأعطى اسمه لبطله في الفيلم «هاني عبد الله بيتر سوسة» (يجسّده أحمد شاش) أو من خلال تجربة سلامة نفسه الذي انتقل من مدارس السعودية، حيث كان يقيم مع أسرته، إلى مدرسة حكومية في مصر. بطل الفيلم طفل لا يزيد عمره على 12 عاماً، هو نجل مدير مصرف مسيحي متدين (هاني عادل) ربّى ابنه على أداء الصلاة كل يوم. وحين يموت الأب فجأة، مثقلاً بالديون، تضطر الأم (كندة علوش) إلى نقل ابنها إلى مدرسة حكومية، وهنا يبدأ الصراع، حين يكتشف الطلاب أن زميلهم من ديانة أخرى. مثلاً، يطلق أحدهم صيحة التحذير: «الواد هاني طلع كفتس» أي قبطي وهي الكلمة التي يستخدمها بعض أبناء الأحياء الشعبية. احتاج عمرو سلامة إلى تسعة أشهر لاختيار الطفل أحمد داش، إلى جانب خمسة آخرين في الفيلم، فيما كانت المعركة الأهم: كيف السيطرة على 300 تلميذ في ديكور المدرسة، منهم 50 داخل الفصل الذي تجرى فيه أغلبية أحداث الفيلم؟ بعد مجهود كبير، خرج الشريط ليفتتح «مهرجان الأقصر للسينما العربية والأوروبية» أول من أمس، فيما قررت شركة «فيلم كلينك» عدم انتظار ما سيجري في 25 ك2 (يناير)، وطرحه تجارياً غداً بعد حملة دعائية شارك فيها صنّاع «لا مؤاخذة».

يمكنكم متابعة محمد عبدالرحمن عبر تويتر | @MhmdAbdelRahman