في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، كان المئات من الشباب السوري يتجمّعون أمام دور السينما في دمشق، للحصول على تذكرة لحضور أحد أفلام التعرّي الأجنبية، حيث وفرّت دور السينما آنذاك محتوى إباحياً عالمياً «وأحياناً محلي الانتاج» يتناسب مع طبيعة الاتصالات في تلك المرحلة، وكانت هذه الدور تضع على مداخلها بوسترات مغرية لنساء متعريات لجذب الشباب لحضور تلك الأفلام.ومع بداية التسعينيات، انتشرت أجهزة الفيديو، التي أتاحت حضور الأفلام في المنزل وقضت تقريباً على دور السينما، وأصبح تأجير الأشرطة الإباحية، تجارة لا يستهان بها في ذلك الوقت، ما جعل هذه النوعية من الأفلام أكثر شعبية، لناحية سهولة الحصول عليها.
وفي مطلع الألفية الثالثة ومع انتشار الأطباق اللاقطة بشكل واسع، أصبح هناك متخصصون في برمجة أجهزة الريسيفر لاستقبال القنوات الأوروبية المشفرة التي تبث المحتوى الإباحي في فترة ما بعد منتصف الليل غالباً.
لكن هذه المرحلة كانت قصيرة نسبياً، وانتهت تقريباً بعد انتشار الأقراص الليزرية الرخيصة، وانخفاض أسعار مشغلاتها من حواسيب وأجهزة فيديو.
وانتشرت في المدن السورية ظاهرة بيع «السيديات» الإباحية على البسطات المتنقلة، تحت عناوين مضللة.
واندثرت هذه الظاهرة تدريجاً مع توافر الانترنت بسرعات عالية نسبياً، مما جعل المحتوى الإباحي مجانياً ومتنوعاً حسب الطلب من آلاف المواقع على الشبكة، وانتهى معها عصر التزامنية في تلقي المحتوى الإباحي، وأصبح متوفراً في كل زمان ومكان حتى على أجهزة الموبايل المتطورة.
وحتى اليوم، يعيش العالم في هذه المرحلة، وخصوصاً دول العالم الثالث ومنها سوريا. قبل نحو أسبوع تداولت صفحات فايسبوك سورية تعميماً صادراً عن وزارة الاتصالات السورية، جاء فيه أن «الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات» التابعة للوزارة قررت حجب 160 موقعاً إباحياً. وبررت الوزارة السورية قرارها بالدوافع الأخلاقية والاجتماعية لحماية جيل الشباب، ودوافع تخص عبء الحمل الزائد على قطاع الإتصالات، وتخفيف الولوج إلى الشبكة وتقليل الضغط عليها لتحسين سرعة الانترنت.
منذ صدور التعميم، يحاول السوريون الولوج إلى المواقع ذات المحتوى الجنسي عبر الإنترنت، وبالفعل فشل معظمهم في الدخول إلى المواقع الإباحية الأكثر شهرة.
واليوم خرج وزير الاتصالات السوري علي الظفير ليؤكد هذا الخبر، وقال في تصريح إن «الوزارة معنية في الدرجة الأولى بوضع سياسة الاستخدام الصحيح والسليم للإنترنت في سوريا»، لافتاً إلى «ضرورة اتخاذ وزارة الاتصالات الإجراءات اللازمة في حال لحظ أي تشوه في موقع معين، مبيناً أنّ لتلك الإجراءات انعكاساً كبيراً على سلامة المجتمع».
وحسب مصادر في وزارة الاتصالات السورية، يعتبر القرار ملزماً لجميع مزودات خدمة الإنترنت في سوريا سواء الحكومية أو الخاصة. وأكّد مصدر مسؤول في الوزارة أنه ستكون هناك جهات معينة تتابع التنفيذ على أرض الواقع ليتم حجبها، إضافة إلى تطبيق العقوبات والغرامات المالية التي يحددها القانون على كل مزود خدمة لا يطبق التعميم.
وكعادتهم، وجد السوريون في الموقع الأزرق فرصة للتعليق على الحدث.
وقال أحدهم ساخراً: «كنت أعرف ثلاثة مواقع إباحية، واليوم أخبرتني وزارة الاتصالات عن 160 موقعاً، شكراً لوزارة الاتصالات». وفي حين شكر بعضهم وزارة الاتصالات على الخطوة، نبه كثيرون إلى خطورتها، من باب الحد من حرية تصفح الانترنت، وأن الحكومة السورية تتشبه بالتنظيمات المتشددة التي تمنع المواد الإباحية في مناطق سيطرتها. وطالب هؤلاء بمكافحة الفكر المتشدد والمواد الدينية المتشددة في الإعلام وعبر الانترنت بدلاً من منع المواد الجنسية. ورأى أحد المهتمين أن «هذا الإجراء انتهاك للاعلان العالمي لحقوق الانسان، وأن الحجب لا يسهم في حماية المجتمع بقدر ما يزيد الكبت». وأكد البعض أن لا فائدة من حجب هذه المواقع تقنياً في ظل وجود برامج البروكسي المتاحة للجميع وقدرة الجميع على الحصول على الفيديوهات عبر وسائط متعددة أو شرائها من المحال.
وحسب موقع «اليكسا» المتخصص في تصنيف المواقع الإلكترونية، فإنّ موقعين إباحيين يتربعان في قائمة أفضل عشرين موقع زيارة في سوريا. كما تشمل قائمة المواقع الخمسين الأكثر تصفحاً في سوريا ستة مواقع إباحية، أحدهما في المرتبة السادسة خلف المواقع الشهيرة مثل غوغل ويوتيوب وفايسبوك.