تستثمر mbc في أيّ شيء يحقق لها حضوراً جماهيرياً، ومكاسب مادية، خاصة برامج مسابقات المواهب. لكن وضع المحطة في الموسم الرابع من «ذا فويس»، يشبه تماماً حال مزارع ماهر تعب في حرث قطعة أرض، وأحالها مداداً من الخصب، وبعدما تنعّم بثلاثة مواسم وفيرة، قرر تغيير آليه عمله، فتمكّن من الحفاظ على خضرة الحقل، لكن جودة قطافه تراجعت إلى حدودها الدنيا؟! بعدما حصد برنامج «أحلى صوت»، في مواسمه الثلاثة الأولى، جماهيرية وشعبية واسعتين، أتى الموسم الجديد ليطفئ الألق. أنجز فريقه نسخة مكررة، لكنها مصابة بالعطب في بعض الأماكن، والتشوّه في مطارح أخرى. كيف لا، ولجنة التحكيم بمعظمها (إليسا، محمد حماقي، أحلام، عاصي الحلّاني) تحتاج ليس فقط إلى محكّمين كما قال مرة جورج وسوف عن كل لجان البرامج المشابهة، بل إلى موهبة متفق عليها من دون تشكيك في إمكانياتها.
اليسا «نجمة النشاز» أو «ملكة الإحساس»!

حصدت الحلقات الأولى كمّاً طائلاً من التهكّم بمواجهة اليسا «نجمة النشاز» أو «ملكة الإحساس في الاستديو» كما سمّتها صفحات السوشال ميديا. هي «تجلس لتحكّم أصواتاً تتمنى أن تملك مثلها»، بحسب تعليقات عدة أفرغها المشاهدون على الفضاء العام، قبل أن ينتقلوا إلى محمد حماقي «الظاهرة الشكلية التي اشتهرت في مصر فجأة». ثم عادت الكرة نحو ملعب أحلام، وموجة هجوم على أسلوبها الفج، وطريقتها الصدامية، التي لا تتماشى مع إطلالة الفنان، وسط تشبيهات ساخرة، يصل بعضها إلى حدود التجريح. وحده عاصي الحلاني تجنّبته التعليقات الساخرة، ربما لأنه من اللجنة القديمة التي صنعت إلى جانب عدة معطيات مجد هذا البرنامج بنسخته العربية. الهجوم النقدي الافتراضي واكب الحلقات الأولى من «أحلى صوت» قبل أن تتوقف التعليقات، كأن أصحابها يئسوا أو أنّ البرنامج لم يعد يحظى بنسب مشاهدة وحالة تفاعل عالية، بغض النظر عن تقدّم «ذا فويس كيدز» الذي يتخطّى غالبية البرامج المشابهة بحجم التفاعل الجماهيري، رغم اتهامه بالتحيّز والتسييس. وإن كان حجم المشاهدة يقاس اليوم من قبل شركات متخصصة بالإحصاء، إلا أنّ أياً منها لم يكسب ثقة الجمهور! ويبقى رصد التفاعل على السوشال ميديا مع أيّ مادة تلفزيونية أفضل وسيلة لمعرفة مدى جماهيريتها. هكذا، تقرّ لجنة تحكيم «ذا فويس 4» بكل ذلك، خاصة عندما يصرف أعضاؤها وقتاً من حصة البرنامج ممسكين بهواتفهم للاستئناس بآراء الجمهور على حساباتهم الافتراضية، وتشجيعه على تحقيق أرقام، في عدد المشاهدات والتفاعلات.
من جانب آخر، تبالغ هذه اللجنة في ردود فعلها المصطنعة على أصوات المشتركين، حتى لتبدو كأنها سمة هذا الموسم، رغم أن «السلطنة» في حضرة صوت ملفت ومعرفة الوقت الصحيح لتشجيعه بكلمة «آه»، لا تحتاجان إلى أكثر من مستمع حرّيف يلتقط مواقع الجمال في ما يسمع ويشيد به بعفوية! في السياق ذاته، تغيب خفة الظل التي يخلقها المدربون عادة، لتحضر بدلاً منها كوميديا سمجة، وافتعال غثّ لمواقف تدّعي الطرافة، وتسوّل السخرية من دون أدنى انسجام يفترض أنه يمّيز هذه البرامج عادة.
ترنّحت mbc تحت ثقل التدخّل الأرعن من جانب السلطات السعودية، لكنها لم تسقط، على الأقل حتى الآن. ربما ستسير بتراجع متلاحق، لو استمرت في العمل وفق الصيغة التي أعدّت فيها «ذا فويس 4».

* «ذا فويس 4»: كل سبت (21:00 بتوقيت بيروت) على قناتَي lbci وmbc