«في الغابة قانون يسري في كل زمان، قانون لم يفهم مغزاه بنو الإنسان»، صرخة أطلقها «ماوكلي فتى الأدغال» قبل نحو ثلاثين عاماً. لاقى المسلسل الكرتوني رواجاً منقطع النظير في الدول العربية، ولا تزال بعض القنوات مواظبة على عرضه حتى الآن لاستقطاب جيل التلفزيون في التسعينيات.السوريون الذين شكلوا ذاكرة أبناء ذلك الجيل بأصواتهم، قاموا بدبلجة معظم أفلام الكرتون، في مركز «الزهرة» الشهير في دمشق.
وأدت صوت «ماوكلي» الفنانة السورية أمل حويجة، التي عرفت ببطولة أشهر الشخصيات من «الكابتن ماجد» إلى «الصياد الصغير» و«روبن هود».
قبل نحو ثلاثة أشهر، استضافت الفنانة المصرية إسعاد يونس في برنامجها «صاحبة السعادة» على قناة CBC المصرية، أشهر ممثلي وممثلات دوبلاج أفلام الكرتون في العالم العربي، في محاولة منها لاستدعاء ذاكرة الملايين.
وكانت المقابلة الأكثر تداولاً هي مع الفنانة السورية أمل حويجة، التي استغلت وجودها في البرنامج، لتوجّه رسالة مؤثرة بصوت «ماوكلي» فتى الأدغال لجميع أطفال سوريا، ختمتها بالبكاء على طريقة الذئاب، بصوت مكسور يدل على حزن عميق، لأن الحياة مع الحيوانات أصبحت أفضل من الحياة مع البشر القتلة.
المقطع الذي انتهى ببكاء المذيعة والضيفة، وجد آذاناً صاغية، ولاقى رواجاً كبيراً بسبب شعبية الشخصية الكرتونية الشهيرة، إضافة إلى عمق الإحساس وبراعة الأداء لدى الممثلة السورية المخضرمة، التي تملك في رصيدها بطولة 25 عملاً مسرحياً.
لكن هذا المقطع «لم يفهم مغزاه» هشام حداد، مقدم برنامج «لهون وبس» على LBCI، إذ جرى استخدامه بشكل خاطئ في حلقة الأسبوع الماضي، عندما حوّل الـ«حرتقجي» لحظات الحزن العميقة لدى الفنانة السورية على حال أطفال بلادها، إلى فرصة للتهكم والسخرية، وإطلاق «دعابات انتخابية»، كانت كفيلة بإضحاك جوقته الموسيقية، التي بدت أكثر جهلاً من فريق إعداد البرنامج، بمغزى ومضمون مقابلة الفنانة السورية وشخصية فتى الأدغال.
نجم «لول» لم يكن الوحيد الذي وقع في فخ ماوكلي، فالإعلامي التونسي علاء الشابي استخدم المقابلة ذاتها، كمادة للسخرية في برنامجه «كلام الناس» الذي يقدمه على قناة «الحوار» التونسية.
حتى إنّ المشاركين في البرنامج، ومنهم إعلاميون تونسيون، وافقوه بالرأي، وشاركوا في التهكم وأطلقوا ضحكات ونكات ساخرة من طريقة تعبير نجمة «فلة والأقزام السبعة».
مقدم البرنامج والمشاركون فيه لاقوا موجة من الانتقادات والاتهامات بالسخرية من آلام أطفال سوريا الذين يتعرضون للموت يومياً، وقال أحد هؤلاء إن «صرخة ماوكلي كشفت ضعف مهنيّة عدد من الإعلاميين وحجم الارتجال والجهل الذي يتناولون به المسائل».
بدورها، ردت حويجة (1970) عبر حسابها على فايسبوك قائلة إنه منذ بدء انتشار الأعمال الكرتونية السورية في الوطن العربي، وممثلو الدوبلاج يستقبلون رسائل المحبة من الأطفال، وأغزرها كان يأتي من المغرب العربي. ورفضت نجمة «الكابتن ماجد» الرد على القناة التونسية لأنه لا وقت لديها بسبب انشغالها بأحد العروض المسرحية.
ضحية ثالثة سقطت في غابة ماوكلي، وهذه المرة في العالم الافتراضي، كان بطلها برنامج «السليط الإخباري» الذي يقدمه الإعلامي الأردني نيكولاس خوري على يوتيوب.
وتناول خوري صرخة ماوكلي بسخرية، واتهم مقدمة برنامج «صاحبة السعادة» إسعاد يونس بأنها كانت تحبس ضحكتها بصعوبة.
ووصف معلقون دعابة خوري بغير الموفقة، لأنها تتهكم من رمزية ذات معنى كبير في ذاكرة العرب، واتهموا الشاب الأردني بتسطيح الفكرة وعدم فهم السياق والرسالة التي أرادت حويجة إيصالها، وطالبوه بالتوقف عن الابتذال.