مرّة جديدة، يصوّب «المركز الكاثوليكي للإعلام»، بشخص رئيسه الأب عبدو أبو كسم، سهامه على أعمال فنية أو إعلامية بذريعة «الحرص على المقدّسات». هذه المرّة كانت الوجهة صوب برنامجَيْن ساخرَيْن، هما: «أبو طلال الأجدد tv» (الجديد) و«لهون وبس» (lbci). جاء الهجوم على الأوّل على خلفية مضمون الإعلان الترويجي الذي بثه أخيراً، ويستخدم فيه وسام سعد (أبو طلال) عبارات مقتبسة عن المسيح في إطار السخرية من المرشحين للانتخابات النيابية المقبلة؛ إذ نراه في هذا الإعلان يدعو الناخبين لأن «يأتوا بالأطفال إليه»، وكذلك النساء! في سياق آخر، نشاهد شاباً مقعداً، ما إن يأتي إلى «ابو طلال» حتى يتمكّن من السير على قدميه. «بإرادتكم نصنع المعجرات»، «هللويا»... عبارتان ملأتا ثلاثين ثانية من هذا الإعلان الساخر، وعبارة «العشاء السرّي» التي ذكرها هشام حداد في حلقته السابقة، كانت كفيلة بتحريك «المركز الكاثوليكي للإعلام» الذي استنجد بوزير الإعلام ملحم رياشي وبـ «المجلس الوطني للإعلام».هكذا أصدر المركز بياناً اتهم فيه البرنامجَيْن باستخدام «الأساليب الرخيصة في العمل الإعلامي»، معتبراً أنّ ما صدر عنهما، لا ينمّ «إلا عن إساءة بالغة لمعتقداتنا ولا يمكن السكوت عنها طويلاً». كما وضع هذه المضامين بعهدة القضاء ودعاه إلى «اتخاذ الإجراءات المناسبة والرادعة»، بما «يضع حدّاً نهائياً لكل ما يسيء إلى الرسالات السماوية وإلى الدين المسيحي تحديداً».
وبغض النظر عن محتوى برنامج «أبو طلال الأجدد tv»، المتسم بغالبيته بالسطحية وإهانة للمرأة والكوميديا بشكل عام، إلا أنّ الإعلان الترويجي الآنف الذكر لا يمكن فهمه إلا في إطار السخرية من البرامج الانتخابية والوعود التي يقدّمها المرشّحون إلى المقاعد النيابية. وإذا ما وضعنا جانباً شكوى «المركز الكاثوليكي للإعلام» اليوم، وعدنا قليلاً إلى الوراء، فسنرى مسيرة حافلة بالوشاية وأداء شبيهاً بالـ «مطاوعة» بحق الأعمال المسرحية والتلفزيونية، آخرها مع الشاعر مصطفى سبيتي التي قضى أكثر من أسبوع وراء القضبان بسبب تدوينة تناول فيها مريم العذراء في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. وقتها، دعا أبو كسم إلى «اتخاذ الإجراءات القانونية» بحقه، على خلفية ما اعتبره «إساءة لمقام أمّنا مريم العذارء». ولعلّ القضية الأبرز في تاريخ المركز، كانت مع مسرحية «لماذا رفض سرحان سرحان ما قاله الزعيم عن فرج الله في ستيريو 71؟»، للمخرج عصام محفوظ، والتي أعادتها إلى الضوء المخرجة لينا خوري (2015). آنذاك، انطلق الأب من مقال يشي بهذا العمل ويتهمه زوراً بأنه «يحوّل قداساً إلى مهزلة»، لينقضّ على العمل ويدعو إلى إيقافه، من دون أن يقوم بأي جهد في مراجعة سياقه الكامل، ليرى إن كان هذا المشهد «مسيئاً» أم لا.