«أم خالد» الشخصية الكوميدية «البيروتية»، التي اشتهرت بها الممثلة جوانا كركي في ثنائية مضادة مع «أم علي» (الشخصية الشيعية-فادي شربل) في برنامج «كتير سلبي شو» (lbci)، تشهد منذ عامين نزوحاً من الشاشة ومن إطار البرامج الكوميدية الى أرض الواقع. في البدء، دعمت «لائحة البيارتة» إبان الانتخابات البلدية، وحضرت بزيّها الأزرق، مؤدية أغنية أمام سعد الحريري، تتضمن مديحاً لـ «سكسكوته»، وشخصه.
بعدها انتقلت الى «الجديد»، مع فريق المخرج شربل خليل، ضمن برنامجه الجديد «قدح وجم». وبرزت أكثر مع استعانة المحطة بها في احتفالية رأس السنة، ضمن تمثيلية قامت بها من «الطريق الجديدة»، حيث لامت المحطة على عدم الاهتمام بهذه المنطقة، لتهرع الإعلامية سمر أبو خليل الى هناك، وتلاقي الناس المتجمعين في الساحة، وتوزع الهدايا على الفائزين. الدلالة المناطقية والسياسية، كانت واضحة أكثر في احتفالية رأس السنة. والمعلوم أن المحطة تقف على خط النقيض من الحريرية السياسية، وقد تكون هذه الخطوة انفتاحاً أكبر على جمهور «أزرق»، بعدما كسرت حجبها عن جمهورها الأساسي في الضاحية وبعض مناطق الجنوب.
أخيراً، أثيرت زوبعة على خلفية الحلقة الماضية من برنامج «قدح وجم». إذ ظهرت الشخصية البيروتية ضمن استعراض غنائي، على وقع ألحان أغنية «ديسباسيتو» بعنوان مغاير هو «داس ع صيتو». بكلمات عربية مختلفة، تناولت «أم خالد» الحريري، وفترة احتجازه في السعودية، وطعنه في الظهر من قبل حلفائه (الي خانوه اسمن على كل لسان، بالتاريخ ما في إنسان متلن غدر ومتلن خان). تمايلت «بتضاريس» جسدها المبالغ فيها أكان لناحية الصدر أو المؤخرة، مع بقية الراقصين، ما أثار سخط الناشطين، وبعض الصفحات «البيروتية» الكوميدية تحديداً. إذ اتهمها هؤلاء بـ «الإساءة» الى المرأة البيروتية، وتقديم استعراض مبتذل، بخاصة أنها «محجبة».
الكادر الذي وضعت به أم خالد من قبل المخرج شربل خليل في الحلقة، مع الرقصة الخارجة عن الإطار التمثيلي المعتاد لها، كان لا بد له من أن يثير الجدل. نقاش يعود بنا الى علاقة الكوميديا، أو حتى فن الكاريكاتور بثقافة المتلقي. من الطبيعي أن «تبّهر» شخصية كوميدية، وتحمّل أشكالاً مبالغاً بها الى الحد الأقصى بغية الإضحاك، وحتى «الإثارة الجنسية»، التي استخدمتها كركي مراراً في اسكتشاتها في «كتير سلبي شو». وها هي ترتطم بذائقة جمهور محدد، رأى في الاستعراض إهانة للمرأة البيروتية، التي تتناقض معها شكلاً ومضموناً. يحق لهؤلاء التعبير عن استهجانهم، لصورة وجدوها ناقصة لا تعبّر عن «بيئتهم». في المقابل، هناك أدوات لهذه الكوميديا- مهما اختلفنا على تقييمها- تستخدم لتظهير هذه الشخصيات. وربما من مساوئ الكوميديا اللبنانية، غرقها في الشخصيات النمطية وتحديداً المذهبية والمناطقية، مع بطلان هذه الموضة مع الوقت، لاستنفادها كل مقومات الاستمرار، وعجز أصحاب البرامج الكوميدية، عن تطويعها وعصرنتها.

«قدح وجم»: كل جمعة 21:30 على «الجديد»