قبل أن يوصف «بإنقلاب» الرئيس السابق علي عبد الله صالح، على «أنصار الله» أو الحوثيين، أول من أمس، يمكن وصفه بالإنقلاب الإعلامي لشبكة «الجزيرة»، الذي تظهّر أكثر هذه المرة، بعيد تدرّجه في الأشهر الأخيرة، وتحديداً عند بدء الأزمة الخليجية في أيار (مايو) الماضي، بين السعودية من جهة، وقطر من جهة أخرى.
أول من أمس، أعلن صالح عن خروجه عن التحالف الذي جمعه بـ «أنصار الله»، ودعا الى «إنتفاضة» شاملة على «الحوثيين»، واتهمهم بـ «إرتكاب جرائم عدوانية» ضد الشعب اليمني، وأبدى إستعداده للتفاوض مع السعودية. فجأة أصبح لقب «الرئيس المخلوع» الذي كنّي به كثيراً على شاشة «العربية»، واستبدل بـ «الرئيس السابق». هكذا، أغدقت الشاشة السعودية جمهورها، بمديح صالح، والغزل بمسيرته السياسية، والعسكرية، بعدما كان قبل أيام يكنى بأبشع الصفات، وتكال بحقه شتى الإتهامات. أول من أمس، استنفرت «العربية»، كل الأطقم الديبلوماسية، والسياسية، ووضعت على يسار الشاشة هاشتاغ: «#صنعاء_تنتفض». احتفت القناة السعودية بقرار صالح، وكررت مراراً تصريحاته التلفزيونية، التي أعلن فيها فك الإرتباط مع «الحوثيين».
في المقابل، بدا المشهد مختلفاً على «الجزيرة»، القناة التي تقاطع خطابها سابقاً مع «العربية»، قبل الأزمة بين البلدين، وخروجها مما يسمى «التحالف العربي» ليختلف قبيل أشهر قليلة، عبر تركيز الشبكة القطرية على الأوضاع الإنسانية في اليمن، والمأساة التي تفتّك بشعبها وخاصة بأطفالها. أول من أمس، تظهّر أكثر هذا الخطاب، مع كيفية التعاطي مع ما حصل في صنعاء. الشبكة القطرية، وصفت ما حدث بأنه «إنقلاب الرئيس المخلوع». وبعد تصنيف «أنصار الله» طويلاً بـ «الميليشيات»، أضحوا يكنّون بـ «جماعة الحوثي»، أو «الحوثيين». وبات صالح، يوصف بـ «حصان طروادة»، الذي تراهن عليه الرياض، «لطرد الحوثيين»، من صنعاء، بغية «التوصل لتسوية سياسية معه على حساب السلطة الشرعية». كما بدا لافتاً تغطية «الجزيرة» لتحركات «الحوثيين» العسكرية، وتتبّع الأماكن التي سيطروا عليها في اليمن. علماً أنّه ضمن «منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية» في دورتها الرابعة أول من أمس، أقرّ مدير الشبكة الإخبارية ياسر أو هلالة بأن «الجزيرة» أخطأت في التعامل مع المأساة الإنسانية في اليمن، واعترف بأنه لم يكن هناك «عدالة في توزيع الخبر».