القاهرة | لا تكتفي السلطات المصرية بملاحقة المعارضين واعتقالهم أو تشرديهم عن العمل. ها هي تدشّن حقبة جديدة يمكن تسميتها بـ «المكايدة السياسية»، مستخدمة فيها «صبيانها» من الصحافيين في المؤسسات القومية والخاصة على السواء، ممن لم يكتفوا بدور «الأمنجية» فتحوّلوا إلى «مطاوعة» النهي عن المنكر!
تحت عنوان «نشر الفجور»، شنّت صحف «المواطن» و«صوت الأمة» و«روزاليوسف» أخيراً حملة جنونية ضد رئيسة تحرير موقع «مصريات» الصحافية نفيسة الصباغ، زوجة الرئيس السابق للجنة الحريات في نقابة الصحافيين المصريين خالد البلشي.
بدأت الحملة عندما نشرت الصباغ بوستاً على فايسبوك عن مشروب «الفودكا» جاء فيه «طوبى لصانعي الفودكا»، بعدما ضبطت إعداداته «للأصدقاء فقط»!
على الصفحة الأولى من جريدة «روزاليوسف» المملكوة للدولة، طالع القراء مانشيت: «الفجور... زوجة خالد البلشي تُروج للخمور وتتطاول على الدين». هكذا تحولت الجريدة التي بدأت منبراً ضد الرجعية إلى صحافة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واستحال صحافيوها «مطاوعة»، ضاربة بالدستور والقانون وميثاق الشرف الصحافي عرض الحائط، لتؤكد أنّ الصحافة المصرية تحولت إلى أداة انتقام من الخصوم السياسيين للنظام الحاكم. لاحقاً، أعاد موقعا «المواطن» و«صوت الأمة» نشر التقرير ذاته، موجهين للصباغ الاتهامات نفسها!
التشابه في الصياغة بين التقارير الثلاثة، يشير بشكل جليّ إلى كونها بياناً صيغ بمعرفة جهة ما، إذ وصفت التقارير الثلاثة بوست الصباغ بـ «استفزاز غير عادي لمشاعر المسلمين بتحريف الدين واللعب والتشويه للأحاديث النبوية»!

مقال «روزاليوسف»
خاصَم «كل الميراث القيمي للمؤسسة الرائدة»


موقع «صوت الأمة» والمُحال رئيس تحريره عادل السنهوري للتحقيق في نقابة الصحافيين لنشر أخبار كاذبة من شأنها إلحاق الضرر بعدد من الصحافيين، اتهم نفيسة الصباغ «باختلاق أزمات تتوهمها بين اليوم والآخر، لجذب عدد أكبر من المتابعين لها على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي، لتصبح أحد الموضوعات التي تتناولها صفحات السوشال ميديا، وتتفاخر بها بين أقرانها من نشطاء الفايسبوك الذين لا هم لهم إلا التصيد والتهكم»!
إذن النظام السياسي لا ينسى أسماء خصومه، ولا يتركهم في حالهم. لقد اعتاد أخيراً على شن حملات التشهير ونشر الأخبار الكاذبة عن الرئيس السابق للجنة الحريات في نقابة الصحافيين الذي يعتبره النظام خصماً رئيسياً وأحد عوامل تفاقم أزمة «تيران وصنافير» في نيسان (أبريل) من العام الماضي، والمعروفة إعلامياً بأزمة اقتحام نقابة الصحافيين. كما حجبت السلطات المصرية موقع «مصريات» الذي يهتم بشؤون المرأة ضمن حملات حجب المواقع الإلكترونية المعارضة، فقط لكون رئيسة التحرير زوجة البلشي!
من جهة أخرى، استنكر عدد من الصحافيين والعاملين في مجال حقوق الإنسان ما تتعرض له الصباغ وأسرتها، معتبرين التلصص على حياتها الشخصية انتهاكاً صارخاً للدستور، بخاصة المادة 57 التي تنص على أنّ «للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس. وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة، وفي الأحوال التي يبينها القانون». ووصف الرئيس السابق لمجلس إدارة مؤسسة «الأهرام» أحمد السيد النجار تقرير «روزاليوسف» بـ «المخاصم لكل الميراث القيمي لمؤسسة «روز اليوسف» التي شكلت تاريخياً نموذجاً لاحترام الحريات وللتمرد وللكتابة الحرة والساخرة، وكانت جامعة صحافية جبارة خرّجت أعظم رسامي الكاريكاتور وظلت عصية على بساتين السلاطين لسنوات
طويلة».