‏لكلّ من تابع حلقة «بانوراما»، يوم الاثنين الماضي مع المقاومين المحرّرين الخمسة، أحبّ أن أصارحكم بما لم يُقل فيها... بما لا تقدر الكاميرا على نقله إليكم. ‏فلتسمعوني جيّداً... أعتذر من قواعد المهنة وأدبياتها...مع مهدي شعيب، وموسى كوراني، وحسن طه، ومحمد ياسين، وأحمد مزهر، كنت منار الإنسانة فقط.
نظرت إليهم بعين القلب فقط، وحاورتهم بما أملك من حب وإيمان. أعلن حبي وإخلاصي لجراحهم. السعادة كانت غامرة. ربيع غمر قناة «المنار» بحضورهم. كان نهاراً طويلاً لمقاومينا. بتواضع لم أصادف صدقه أبداً في حياتي إلا بحضرة رجال الله. كم أتعبتني ابتسامتكم وصبركم على طلباتنا المزعجة، نحن صنّاع الصورة والكلمة. موسى كوراني كم خجلت أمام جسدك المهشّم والتعب من جراح أعادت تشكيله بألم لا يفارقك، لكن لم تتوقف عن الابتسام. «بدّي صلّي»، أوّل طلب بادرتنا به عند وصولك. أتعلمون موسى بالكاد يستطيع الوقوف وأصرّ على الصلاة بدون كرسي للمساعدة؟ محمد ياسين، لامني البعض لأنّني قلت لك على الهواء إنّك تخجل... يا قرّة العين حاولت أن أحصّنك من انتقادات قد تطالك وأنت لا تحب الكلام. أتعلمون أنّ محمد لم يعد يسمع ‏بصورة جيدة بفعل إصابته؟ يا لسحر خجلك يا محمد وأنت أسد في الميدان! رغم التعذيب، لم يكشف محمد طوال فترة الأسر طبيعة عمله في المقاومة، وأصرّ على رواية بأنّه من الإعلام الحربي. والله لم أتحمّل محادثتك من دون أنّ تسبقني الدمعة. أحمد مزهر... أبا «ملاك»، لن أنسى توصياتك لي أن أتجنّب بعض الأسئلة حرصاً على رفاق لك في الأسر تخشى عليهم من عذابات نهشت جسدك الصلب. دمعت وأنا أنظر إلى وجهك الملائكي، وقد خطفت من عظامه الكثير رصاصة الحقد إياها التي أكملت ما بدأته رصاصات أخرى طالت ساقك وكتفك. لكنّك ما توقفت أبداً عن الابتسام. قلت لنفسي: يا لتفاهة همومنا!
حسن طه يا أجمل عريس، تتعجّل العودة إلى الميدان. لا تريد الاكتفاء بلقب الأسير ‏والجريح... تمهّل يا عزيزي ولا تستعجل وسام الشهادة. يوسف الأسرى مهدي شعيب... والله يا مهدي لو تكلمت عمّا قمت به خلال الأسر لبكى الحجر. اخترت صدقة السر بكثير ممّا قمت به لموسى وحسن وغيرهما كثر من أسرى جيش الظلام والتكفير. أتعلمون أنّ مهدي تغلّب على الكثير من سجّانيه، بل استطاع في أحد السجون استخدام صفحة سجّانه على الفايسبوك للاطمئنان على عائلته وأصدقائه، كما اطلع على صفحة «حبيب قلبه» علي شعيب (مراسل «المنار»)، كما يناديه؟ كان مهدي حريصاً على حياة سجّانه وحياته بطبيعة الحال... ولم يرسل أي رسالة لأي منهم. إن كان سجّانك وقع أسير حبك يا مهدي، فماذا نقول نحن؟
‏يا لكلّ هذا الحب. سعادتي أنّكم فرحتم بزيارة «المنار» بقدر فرحنا بكم يا أبطالنا الشجعان. فرحتم بهذه المقابلة يا نجوم سمائنا. قلبي سطع بالنور ولا يزال منذ يوم الاثنين. لمَن أراد القرب... لمَن أراد الأُنس... أنصحكم يا أصدقائي بمجاورة رجال الله.
* إعلامية لبنانية