«أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً». عبارة تنطبق على قناة mtv اللبنانية التي عرضت أمس الثلاثاء تقريراً لمراسلتها نوال برّي يتناول مسألة «النزوح والعنصرية». في التقرير الذي عُرض في نشرة الأخبار المسائية، تفنيد مهني وعلمي لأزمة اللجوء السوري في لبنان، وكيف أصبح اللبناني على تماس مباشر مع «مئات الآلاف من السوريين، ومزاحمتهم في سوق العمل»، في بلد يعدّ من أكثر الدول المضيفة لهؤلاء بعد بدء الحرب التي تعصف ببلادهم من أكثر من ست سنوات.
يبحث التقرير عن أسباب عنصرية اللبنانيين تجاه اللاجئين، متطرقة إلى أداء الإعلام ودوره أيضاً، خصوصاً أنّه ساهم في أحيان كثيرة في تأجيج هذه العنصرية والتمييز، ومن ضمنه «قناة المرّ» التي تعدّ من أكثر المحطات حرصاً (كمّاً ونوعاً) على بث التقارير المحرضّة ضد اللاجئين السوريين على مختلف الأصعدة.
بعد كلام الخبير في الإعلام والإعلان رمزي نجار عن العدائية التي خلقت لدى اللبنانيين تجاه الآخر، وتراكم نشأته على أنه فرد أكثر من كونه مواطناً، وعن مسؤولية الإعلام الذي غلّب الكلام العنصري على توجيه أصابع الاتهام إلى الدولة المهملة ما خلق تراكماً سلبياً لدى المتلقي، خلصت برّي إلى أنّ الواقع الجديد الذي وُجد فيه اللبنانيون، و«الصدام الاجتماعي» الذي واجهوه مع أزمة النزوح، ليس إلا إفرازاً لـ «سوء إدارة الدولة لهذا الملف».
إذاً، بعد سنوات من الضخ الممنهج للعنصرية ضد اللاجئين السوريين، وتحويله إلى شماعة تعلّق عليها كل مصائب لبنان الاقتصادية والاجتماعية، استفاقت mtv على أن هذا الملف يقع ضمن مسؤوليات الدولة، في نقد غير مباشر للأداء الإعلامي الذي اتبعته هذه القناة وغيرها من المنابر اللبنانية. عسى أن يكون هذا التقرير الذي يُحسب لـ mtv إشارة إلى انتهاء عصر العنصرية ضد اللاجئين السوريين، وخطوة مهنية في معالجة ومقاربة هذه القضايا ومثيلاتها.