لا مبرّر منطقياً لحبس فرقة «أطفال الشوارع» المكوّنة من شباب ينزلون الشارع، ويصوّرون بكاميرا الموبايل مقاطع فيديو ساخرة من الأوضاع الاقتصادية والسياسية، وينشرونها على صفحة الفرقة على الفايسبوك واليوتيوب. غير أن السلطة رأت أن الفيديوهات تحرّض على «الإرهاب». لذا، وجّهت النيابة العامة أكثر من تهمة للفرقة منها «التحريض على ارتكاب جرائم إرهابية، واستخدام شبكة المعلومات الدولية وتحديداً يوتيوب لترويج أفكار تدعو لارتكاب أعمال إرهابية»، وكذلك التحريض على «الاشتراك في التظاهرات المخلّة بالأمن العام، وتلك التي تهدف إلى ارتكاب أعمال عدائية ضدّ مؤسسات الدولة». لذلك قرّرت النيابة حبس أعضاء الفرقة 15 يوماً على ذمّة القضية التي شغلت الرأي العام خلال اليومين الماضيين كون هذه التُهم التي تُصيب من يُسمعها بالرعب، وجِّهت إلى شباب لا يفعلون سوى نشر فيديوهات ساخرة على الإنترنت. في هذا السياق، انطلقت حملات تضامن مع الشباب، فيما دانت «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» القبض على الفرقة، ووصفته بـ «الانتهاك الصارخ للحريات». واعتبرت أن القبض على الفرقة يمثّل «عدم احترام للدستور الذي ينصّ في إحدى مواده على أن حرية الإبداع متاحة للجميع. وتُلزم المادة الدولة بحمايتها وعدم توقيع عقوبات سالبة للحرية على المنتج الفنيّ».
اتهام الفرقة بالتحريض على التظاهر ونشر فيديوهات تسيء لمؤسسات الدولة!
ويذهب بعضهم إلى اعتبار أنّ المقطع الأخير الذي نشرته الفرقة تحت اسم «السيسي رئيسي جابنا وراه»، هو السبب في القبض عليهم. في الفيديو، سخر الشباب من تظاهرات الموالين للرئيس عبد الفتاح السيسي التي أقيمت في 25 نيسان (أبريل) الماضي، رداً على تظاهرات المعارضة الرافضة للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير. وسخر الفيديو من حمل بعض المتظاهرين الجزمة العسكرية على رأسهم، وهتفت الفرقة في المقطع «ارحل». ويبدو أن المقطع هو الذي أغضب السلطة، فقُبض على عزّ الدين خالد أحد أعضاء الفرقة يوم السبت، ووجّهت له النيابة العامة تهم التحريض على التظاهر ونشر فيديوهات تسيء لمؤسسات الدولة. ولاحقاً، قُبض على باقي أعضاء الفرقة ووجّهت لهم التهم نفسها.
المفارقة أن المقطع الذي كان سبباً في ترصّد الأمن بالفرقة، لم يتجاوز عدد مشاهديه 300 ألف، غير أنه انتشر الآن وسجّل نسب مشاهدات عالية. موقف الدولة من هؤلاء الشباب الساخر لا يختلف عن موقفها من قضية السخرية بشكل عام، إذ يضيق صدر النظام بأيّ سخرية. قبلاً، تمّ التضييق على باسم يوسف إلى أن أوقف برنامج «البرنامج» صاحب الجماهيرية الكبيرة، وأخيراً تعرّض برنامج «أبلة فاهيتا لايف من الدوبلكس» لضغوط بعد انتقاده أداء نواب البرلمان، رغم أن فاهيتا تضع انتقاد الرئيس خطاً أحمر لا تتجاوزه.