في مطلع أغنية برنامج «حكي جالس» (كلمات وألحان مروان خوري)، نسمع: «الثورة الوحيدة الحقيقية هي ثورتنا عالذات». فعلاً، إنّها ثورة على الذات، بدأها الإعلامي جوّ معلوف من نفسه في بداية الموسم الثالث من برنامجه على lbci، قبل أن يدعو الناس إلى الثورة على الذات كي يبدأوا بالتغيير الحقيقي. وحيداً ظل معلوف ليلة الاثنين، فقد غاب طوني خليفة الذي انسحب من برنامجه 1544 على mtv، بينما ينتظر برنامج «للنشر» على «الجديد» موسمه الجديد في بداية الشهر المقبل.
إذاً، ظل معلوف وحيداً في سهرة الاثنين التي تحوّلت العام الماضي الى ما يشبه الكابوس على اللبنانيين، لفرط التنافس الذي أوصل غالباً هذه البرامج الى درك مقيت في استغلال قضايا الناس وتسطحيها ومقاربتها بطريقة استعراضية خالية من أي مهنية.
في الموسم الثالث من «حكي جالس» الذي بدأ الأسبوع الماضي، طرأت تغييرات في الشكل والمضمون. تعديلات طفيفة أجريت على الاستديو الذي تغيرت إضاءته من الأحمر إلى الأزرق. وقد استبدلت المنصة الشفافة التي كانت تجبر الضيوف على الوقوف والمواجهة، الى طاولة واسعة وضعت وسط البلاتوه. هذا في الشكل، أما في المضمون فقد قفز البرنامج قفزة نوعية في الحلقتين اللتين عرضتا في الأسبوع الماضي وأول من أمس. بعد سلسلة شرائط ترويجية مكثفة اعتمدت كمدماك لها الناس وأوجاعهم، خرجت النسخة الثالثة من «حكي جالس» نافضة عنها غبار العام الماضي، أكان في الأداء أم المعالجة.
معلوف المعروف دوماً بأسلوب الوعظ الذي يبدأ به برنامجه عادةً، حوّل مواعظه التي كانت دوماً تلوم الناس وتجلدهم على بلادتهم وبرودتهم وتقاعسهم عن التغيير، الى تبنٍّ لصرخاتهم وأوجاعهم، والى أسهم في وجه السلطة. هكذا انضم معلوف الى صفوف الناس بعدما كان على مسافة منهم، يمارس دور الواعظ والمؤنّب. قال في مطلع حلقته الأولى: «كل دقيقة رح نستغلها صح». وبهذا يكون قد تعلّم دروساً كثيرة من أدائه وأداء زملائه في العام الماضي. في هذا الإطار، استعان بالمحامي بول مرقص ليكون المستشار القانوني للبرنامج، وخضع مع فريق عمله أيضاً لدورات في هذا المجال. لذا، لم يكن غريباً اتكاء أغلب فقراته على النصوص القانونية التي يجهلها الناس عادةً ويجهلون بسبب ذلك حقوقهم وطريقة المطالبة بها. كانت الافتتاحية مع فتح ملف «الإثراء غير المشروع» وسؤال «من أين لك هذا؟». استتبع ذلك بالملفات الحياتية والسياسية.
وبذلك تحوّل البرنامج من «اجتماعي» تلصصي يبحث من وراء الأبواب عن الفضائح ويقع في أفخاخ السطحية والاستغلال في معالجة القضايا الاجتماعية التي تمسّ الرأي العام بشكل كبير، الى برنامج جدّي استقصائي يتابع قضايا الناس الحياتية الملحّة وينقل أوجاعهم وهمومهم. عسى أن تكون هذه الحلقات وما سيليها بادرة جيدة تطوي صفحة من الإعلام اللبناني وتطل على مرحلة جديدة مهنية، ترتكز إلى أرض ثابتة مدعّمة بالقانون والأداء الراقي لتقديم مادة إعلامية «نظيفة».

«حكي جالس» كل اثنين 21:30 على lbci


http://www.lbci.com/episodes/691/%D8%AD%D9%83%D9%8A-%D8%AC%D8%A7%D9%84%D8%B3/ar

http://www.lbci.com/watch/24426/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%84%D9%82%D8%A9-1/ar