محمد عبد الرحمنيبدو أنّ الصحف المصرية اقتنعت بما روّج له وزير الثقافة فاروق حسني عن سبب خسارته معركة «الأونيسكو». الهجمة التي تقودها هذه الصحف ضدّ إسرائيل انطلقت لتؤكّد أنّ البحث عن الأسباب الحقيقية لخسارة حسني ليست مهمة، بل المهمّ العثور على «شماعة» لتعليق الخسارة عليها. طبعاً، تهدف هذه الحملات الصحافية إلى كسب تعاطف الشعب المصري. غير أنّ ما لم يدركه الإعلام أنّ هذه الحجج لم تعد تقنع المصريين الذين ملّوا من التكرار عن تربص إسرائيل بهم في كل المحافل الدولية.
هكذا بات الشعب المصري مقتنعاً بأنّه لو فاز فاروق حسني بالمنصب، لما خرج صوت واحد من مثقّفي وزارته ليعلن بفخر أنّ الوزير قد انتصر على إسرائيل. هذا الكلام لا يلغي الثقل الكبير للوبي الصهيوني ودوره في هزيمة حسني الذي اشتهر سابقاً بتهديده بحرق الكتب الإسرائيلية التي تتسرّب إلى المكتبات المصرية. صحيح أنّ تصريحات مسؤولين إسرائيليين، على رأسهم بنيامين نتنياهو، أكدت أنّ دولة الاحتلال لن تقف أمام ترشيح حسني. مع ذلك، تعرّض حسني لحملة تشويه كبيرة، ركّزت في الدرجة الأولى على سلبياته كوزير ثقافة. وهنا يطرح سؤال ملحّ هو: هل ناور نتنياهو سياسياً بتصريحه المنفتح هذا، في وقت ترك اللوبي الصهيوني يقوم بواجبه على أكمل وجه في أروقة الأونيسكو؟
مؤامرة وراء فشل فيلم «المسافر» في «مهرجان البندقية»؟
لا يبدو أنّ الإجابة عن هذا السؤال تهمّ هؤلاء الذين يفرشون الصحف حالياً بمقالات وتعليقات تمهّد لاستمرار الوزير المهزوم، على المقعد الذي يحتلّه منذ 22 عاماً. لكنّ «نكسة الأونيسكو» لم تكن يتيمة هذا العام. إذ مني حسني بخسارة أخرى تمثّلت في فيلم «المسافر» أول إنتاج سينمائي للوزارة. بعدما اختير الشريط للمشاركة في «مهرجان البندقية السينمائي الدولي» (فينيسيا)، حشدت له الوزارة مجموعة إعلاميين دعتهم للسفر ومشاهدة الفيلم.
غير أنّ الطامة الكبرى كانت عندما خرج عمر الشريف بطل الشريط ليهاجم مخرجه أحمد ماهر. ثمّ نال الفيلم تقديرات بين الضعيف والمتوسط في كل المقالات النقدية، وخرج بخفي حنين من المسابقة الرسمية للمهرجان. بعدها انطلقت التلميحات بشأن وجود علاقة بين ما حدث للفيلم المصري وفوز الفيلم الإسرائيلي «لبنان» بالجائزة الأولى. ثم خرج من ينفي غضب عمر الشريف وبدأ الكلام عن تسويق الشريط في مهرجانات أخرى. كل المستفيدين يسعون اليوم إلى ترسيخ حقيقة أصيلة أن الفشل في المهرجان لم يكن مصرياً بل بسبب مؤامرة إسرائيلية، لتستمر النغمة نفسها على عقول المصريين: إنّها نظرية المؤامرة. وهي نغمة لو لم تتوقف، ستتوالى الخسائر وستسعد إسرائيل بانتصاراتها سواء تلك التي حدثت بسبب جودة ما يقدمون على الساحة العالمية أو لأنّ منافسيهم دخلوا المعركة وهم مستعدون من البداية للخسارة.